قلتُ: والذي كان يقولُ: شيئين، أوَّل الأمْر، داودُ الأصْبهاني، والذي كانَ يقول: حِكاية ابنُ كُلّاب -أصلُ الأشعرية والماتُريدية- لكنَّ الأشعريَّ خالفَه في إطلاق لفظ (حكاية) على القرآن العربيّ، ويقولُ: هو عبارةٌ, لأنَّه رأى أنَّ لفْظَ (حكاية) لا يُناسِبُ اعتقادَهم.
قالَ الإِمام الفَقيهُ أبو حامدٍ الإسفرايينيُّ:"وكان ابنُ كُلّاب عبد الله ابن سَعيد القطَّانُ يقولُ: هي -أي الألفاظ- حكايةٌ عن الأمْرِ، وخالَفه أبو الحَسَنُ الأشعريُّ في ذلك، فقالَ: لا يَجوز أن يُقال: إنَّها حِكايةٌ, لأنَّ الحِكايةَ تَحْتاجُ إلى أن تكونَ مثْلَ المَحْكيّ، ولكنْ هو عِبارةٌ عن الأمْرِ القائم بالنَّفس، وتقرَّرَ مذهَبُهم على هذا"(٢٧).
٤ - الإِمام الفقيه الجبل أبو العباس بن سريج: أحمد بن عمر، إمام الشافعية في وقته:
قال رحمه الله:"وقَدْ صَحَّ وتقرَّرَ واتَّضَحَ عند جَميع أهل الدِّيانةِ والسُّنَّة والجَماعةِ من السَّلَف الماضِينَ، والصَّحابة، والتَّابعينَ، من الأئمَّة المُهْتَدين الراشدينَ المشهورينَ إلى زمانِنا هذا: أنَّ جميعَ الآي الواردةِ عن الله تعالى في ذاتهِ وصفاتهِ، والأخبارِ الصادقةِ الصَّادرةِ عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في الله وفي صفاتهِ التي صَحَّحها أهلُ النَّقْل، وقَبِلَها النقّادُ الأثباتُ، يَجِبُ علَى المَرءِ المُسْلِمِ المؤمنِ الموفَّقِ الِإيمانُ بكلٌ وَاحدٍ منه كما وردَ، وتسليمُ أمْرهِ إلى اللهِ سبحانَه وتعالى كما أمَر" فذكرَ جملةً من الصِّفاتِ، ثمَّ قال: "وإثباتُ الكلام بالحَرْفِ والصَّوْتِ، وباللُّغاتِ، وبالكَلِماتِ وبالسُّوَر،
(٢٧) قاله في كتابه "التعليق في أصول الفقه" كما في "درء التعارض" ٢/ ١٠٧.