وكلامُهُ تعالى لجبريلَ والملائكةِ، ولمَلَكِ الأرْحام، وللرَّحِم، ولملَكِ الموتِ، ولرضْوان، ولمالكٍ، ولآدَم، ولموسى، ولمحمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وللشُّهداء، وللمُؤمنينَ عنْدَ الحِساب، وفي الجنَّةِ، ونُزولُ القرآن إلى سَماءِ الدنيا، وكونُ القرآنِ في المَصاحف ... " فذكر أشياءَ حتى قال: "نَقْبَلُها، ولا نَرُدُّها، ولا نتأوَّلها بتأويل المُخالفينَ، ولا نَحْملُها على تشبيهِ المشبّهينَ، ولا نَزيدُ عليها، ولا نُنْقِصُ منها، ولا نفسِّرها، ولا نكيّفها، ولا نُتَرْجِمُ عن صفاتهِ بلغةٍ غير العربيَّةِ، ولا نشيرُ إليها بخَواطر القُلوب، ولا بحَرَكاتِ الجَوارح، بل نُطْلِق ما أطلقَهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، ونفسّرُ ما فسَّرهُ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابُه، والتابعونَ، والأئمَّةُ المَرضيّونَ من السَّلَف المَعروفينَ بالدّينِ والأمانةِ، ونُجْمِعُ على ما أجْمَعوا عليه، ونُمْسِكُ عَمَّا أمْسَكوا عنه، ونُسَلِّمُ الخبرَ الظاهرَ، والآيةَ الظاهرَ تَنزيلُها، لا نقول بتأويلِ المُعتزلةِ والأشعريَّة والجَهميَّة والمُلْحِدَة والمُجسِّمَة والمُشبّهةِ والكَرّاميَّةِ والمُكيّفةِ، بل نقْبَلُها بلا تأويلٍ، ونؤمنُ بها بلا تمثيلٍ، ونقولُ: الِإيمانُ بها واجبٌ، والقولُ بها سُنَّةٌ، وابتغاءُ تأويلِها بدعَةٌ" (٢٨).
قلتُ: ابنُ سُرَيْج ذاك الِإمامُ الذي لا يُجْهَل قدرُهُ، ولا يُنْكَرُ فضلُهُ، به انتشَرَ فقهُ الشافعي رحمه الله، وربَّما فضّله بعضُ الأئمةِ على سائر أصحابِ الشافعي، حتى على المُزَنيّ تلميذِهِ، وقَدْ عُدَّ المُجدّدَ على رأس ثلاثِ مئةٍ، وأنْشَدَ فيه المنشِدُ: