٥ - الإِمام الفقيه الحُجَّة أبو حامد أحمد بن محمد الإسفرايينيّ، رأس الشافعية والمقدَّم فيهم:
كان من أشدِّ الناس على الأشعريَّة، وبالخُصوص على مُحَقِّقهم الأكبر أبي بكر الباقلانيّ.
قال الحافظُ أبو الحَسَن الكَرَجيُّ الشافعيُّ: "ولم يَزَل الأئمَّة الشافعيةُ يأنفونَ ويسْتَنكفونَ أنْ يُنْسَبوا إلى الأشعريّ، ويتبرَّؤونَ ممَّا بنى الأشعريُّ مذهَبَه عليْه، وينْهَوْنَ أصحابَهم وأحبابَهم عن الحَوْم حوالَيه، على ما سَمِعتُ عِدَّةً من المشايخ والأئمَّةِ -منهم الحافظ المؤتَمَن بن أحمد بن علي السَّاجيّ- يقولونَ: سَمِعْنَا جماعةً من المَشايخ الثّقاتِ قالوا: كانَ الشيخُ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإِسفراييني إمام الأئمَّة الذي طبقَ الأرضَ عِلْماً وأصْحاباً، إذا سعى إلى الجُمُعةِ من قطعيَّة الكَرَج إلى جامع المَنْصور، يدخُلُ الرّباطَ المَعروف بالزوزي، المُحاذِي للجامع، ويُقْبِل على مَنْ حضَرَ، ويقولُ: اشْهَدوا عليَّ بأنَّ القرآنَ كلامُ الله غيرُ مخلوقٍ، كما قالَه الإِمامُ ابنُ حنبل، لا كما يقولُه الباقلانيّ، وتكرَّرَ ذلك منه جُمُعات، فقيلَ له في ذلك، فقال: حتى ينتشرَ في الناس، وفي أهْلِ الصَّلاحِ، ويشيعَ الخبرُ في أهل البلاد: أنِّي بَريءٌ ممَّا هم عليه -يعني الأشعريَّة- وبريءٌ من مَذْهَب أبي بكرَ بن الباقلّاني، فإنَّ جماعةً من المُتفقّهةِ الغُرَباءِ يدخلونَ على الباقلّاني خُفْيَةً، ويقرؤونَ عليه، فيُفْتَنونَ بمَذْهَبهِ، فإذا رجَعوا إلى