للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلادهم أظهَروا بدْعَتَهم لا مَحالةَ، فيظنّ ظانٌّ أنَّهم مِنّي تعلَّموهُ قَبْلَه، وأنا ما قُلتُهُ، وأنا بَريءٌ من مَذْهَبِ الباقلّانيّ وعقيدتهِ" (٢٩).

قلتُ: فبالله عليكم معشرَ الأشعرية! أتُرَوْنَ الإِمامَ أبا حامد بَرِيء من التَّوحيدِ الصَّحيح حين بَرِىءَ من اعتقادِكم؟ أم هو مجسّمٌ يَدعو الناسَ إلى التشبيهِ وعدَم التنزيهِ؟

ولماذا فرق بين اعتقادِ الإِمام أحمد بن حنبل والباقلّاني، معَ أنَّه أفْضَلُ أئمَّتِكُم وأعظمُهم قَدراً؟

ولماذا يُشَهِّر به على رؤوسِ الناس؟

بل إنَّه قد شَهدَ عليه بأشدَّ من ذلك.

قالَ الإِمام أبو بكر عُبَيد الله بن أحمدَ الزاذقانيُّ (وكانَ ثِقَةٌ فاضِلاً):

"كنتُ في دَرْس الشَّيخ أبي حامدٍ الإِسفرايينيّ، وكانَ ينهى أصحابَه عن الكَلامٍ وعن الدُّخول على الباقلّاني، فبلَغَه أنَّ نَفراً من أصحابهِ يدخُلونَ عليه خُفْيَةً لقراءة الكَلام، فظنَّ أنّي معَهم ومنهم" -وذكر قصَّة قالَ في آخرها: "إنَّ الشيخ أبا حامد قالَ لي: يا بُنَيّ، قد بلغَني أنَّكَ تدخلُ على هذا الرَّجل -يعني الباقلّاني- فإيَّاك وإيَّاهُ، فإنَّه مُبْتَدعٌ يدعو الناس إلى الضَّلالة، وإلاَّ فلا تحضُرْ مَجْلِسي، فقلتُ: أنا عائذ بالله مما قيلَ وتائبٌ إليه، واشْهَدوا عليَّ أنِّي لا أدخُل إليه" (٣٠).


(٢٩) "درء تعارض العقل والنقل" ٢/ ٩٦ - ٩٧.
(٣٠) رواه أبو الحسن الكَرَجي -كما في "درء التعارض"٢/ ٩٧ - بسند صحيح.

<<  <   >  >>