رَحِمَ الله الشَّيخَ أبا حامد، ما أشبهه بالأئمَّة الأوائلِ في التَّحذيرِ من أهْل البِدَع، والنَّهْي عن مُجالَسَتِهم.
وقال رحمه الله:"مَذْهَبي ومَذْهَبُ الشَّافعيّ وفُقَهاء الأمْصارِ: أنَّ القرآنَ كلامُ الله غيرُ مخلوقٍ، ومن قال: مخلوقٌ، فهو كافرٌ، والقرآنُ حملَهُ جبريلُ مَسْموعًا من الله تعالى، والنَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَمِعهُ من جبريل، والصَّحابةُ سَمِعوهُ من رَسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو الذي نتلوهُ نحنُ بألسنَتِنا، وفيما بينَ الدَّفَّتين، وما في صُدورنا، مَسْموعًا ومَكْتوبًا، ومَحْفوظًا ومَنْقوشًا، وكلّ حَرْفٍ منه كالباءِ، والتَّاءِ، كلّهُ كلامُ الله غيرُ مخلوقٍ، ومَن قالَ: مَخلوقٌ، فهو كافرٌ، عليهِ لَعائنُ الله والملائكةِ والنَّاسِ أجمعينَ"(٣١).
قلتُ: فانْهارَ بنيانُكم معشَر الأشعرية.
وأمَّا أنْتُمْ أيُّها الأصحابُ السَّلفيونَ، فإنْ كانتْ تغرُّكم الكثرةُ من المُنْتسبينَ إلى الأشعري، فاعْلموا أنَّ الكثرةَ في أوَّلِ حالِ الأشعرية كانت على تبدِيعها وذمّ اعتقادِها، وهؤلاء الذين ذكَرْناهُم من الأئمَّةِ ومن يأتي ذكرُهم وما قالوه في حقّ الأشعريةِ، من أئمَّة الشافعيةِ والحنابلةِ وغيرهم، مِمَّن كانَ أصحابُهم إنَّما يصدرونَ عن أقوالِهم وكلامهم، لَهُوَ أكبرُ شاهدٍ على ما أقولُ، ولكن حين تباعَدَ الزَّمانُ ازدادَ الإعراضُ عن القرآنِ والسُّنَن وهَدْي السَّلَف والأئمَّةِ، فكَثُرَ أهلُ البِدَع.
(٣١) رواه أبو الحسن الكَرَجي -كما في "درء التعارض" ٢/ ٩٥ - ٩٦ - بسند صحيح.