للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه القوات بعيد، فكرّوا وهم ممتلئون حميّة وحماسا، وهجم غلمان العادلي والظاهري، وقتل من الجانبين خلق كثير. فسيّر أمير المجلس فارسا إلى الأمير «چاشني گير» ليبلغه بأن العدوّ غلب فليصل مسرعا كي لا تحدث كارثة. قال چاشني گير: «أيظل يكذب حتى الآن (١)، أنذهب نحن الآن ونهزم الجيش وتعلو شهرته هو»، ولم يتقدّم خطوة واحدة، ولم يبلغ السلطان لكي ينفذ القضاء السماوي.

وأسر أمير المجلس مع فوج من الأمراء، فلما حملوا أمير المجلس إلى الملك الأشرف، خفّ لاستقباله، واستدعى الجرّاحين فجففوا جراحاته، وألبسه خلعة خاصّة، وأرسله مع سائر الأسرى إلى حلب، وعيّن الموكّلين به، وبعث بوصيّة إلى الملكة أن بالغي في تعظيم أمير المجلس، وأظهري غاية الإعزاز له.

ولما وصل الخبر لحضرة السلطنة انتابته الحمى، واستعر جحيم غضبه، وأصدر چاشني گير الأمر بأن يلبس كل العساكر لأمة الحرب، ولا ينامون (٢) الليل. وفي اليوم التالي أرسل الملك الأشرف ألفين من الأعراب وطلب منهم أن يتقدّموا لتفقد أمر السلطان ومعرفة أحواله وما يكون من تحرّكه وانهزامه. فلما


(١) ينقل صاحب الأوامر العلائية، ص ١٩٣ عن الأمير چاشني گير أقوالا أكثر تفصيلا وأبلغ دلالة؛ فبعد أن يأتي من أقواله بالعبارة المذكورة في المتن يضيف:
«لقد سير رسولا أبلغ بأن العدو قد لاذ بالفرار، ثم ها هو ذا يريد مددا، وحين يتحقق المراد ويغدو منتصرا دون أن يبذل جهدا، وإنما نكون نحن الذين قمنا بالعمل، تسري في العالم الصيحة بأن أمير المجلس هزم جيش الشام» ثم يشير صاحب الأوامر العلائية إلى أنه «من فرط الحسد والحقد الذي كان يشعر به أمراء الروم تجاه بعضهم .. لم يتقدم چاشني گير خطوة واحدة، بل تراجع إلى الوراء»
(٢) في الأصل: بخسبند: وينامون، والتصحيح من أ. ع ص ١٩٤.