وفي اليوم التالي أمر السلطان أمير المجلس بالتقدّم- كطليعة- مع أربعة آلاف رجل، وبأن يتقدّم في أعقابه أربعة آلاف رجل آخر بقيادة سيف الدين آينه [چاشني گير]، وسار السلطان بالقلب في إثرهما مع أربعة عشر ألفا. فلما اقترب أمير المجلس من جيش الشام، كان محمود آلپ- وهو من رؤساء العشائر في «سيواس»، وقد بلغ من العمر ثمانين عاما وشاهد أنواع الحروب وضروبها، وتلقى صنوفا من الطّعن والضرب- كان يسير على تلّ عال، وينظر إلى جيش الشام نظرة التفحّص والاختبار، فلما سبر غور قوات المقدّمة بمسبار الاستقصاء جاء إلى أمير المجلس وقال: الدّخول في صدام مع عساكر الشام بأربعة آلاف رجل أمر يبدو بعيدا عن الكفاية، فحبّذا لو أبلغ «چاشني كير» لكي يصل بالمدد بصورة أسرع، كما يتم إبلاغ قلب الجيش للمسارعة بتحريك الرّكاب السلطاني فيلحق بنا متعجّلا.
ولكي ينفذ الحكم الأزلي، ويخرج ريح الغرور من أنف المغلوب فيبدو متغلّبا، لم يلتفت أمير المجلس إليه، وصاح صيحة الحرب، فأخذ محمود يصرخ ويئن قائلا: إن التعجيل ليس مستحبا عند الله تعالى، فلم يسمع الأمير، وأجاب إجابات باردة، ورغم أنه هزم جيش العدو في الهجوم الأول، وبعث بمن يبشّر «چاشني گير»؛ فإن أحد فرسان الروم أسر- بطريق الصدفة- بيد أحد أمراء الملك الأشرف، فحملوه إلى حضرة الملك، وسألوه: هل السلطان موجود مع هذا الجيش؟ فأجاب بأن السلطان بعيد، وما هذه الآلاف الأربعة إلّا طليعة يقودها أمير المجلس، وسوف يصل الأمير «چاشني گير» / بأربعة آلاف في عقبه.
فصاح الملك الأشرف في الحال: المستغاث يا مسلمين، لا تفروا، فمدد