للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أضعاف ذلك. فكتبوا إلى كلّ أمراء الرّوم رسائل جوابيّة مزوّرة، تتضمّن التعبير عن الاغتباط بما أبدوه من وفاء وحسن عهد، وبما وعدوا به من أن يحتالوا لدفع السلطان نحو حدود الشام. فها نحن أولاء أيضا قد عقدنا النيّة على عدم المدافعة. وينبغي بذل ما في الوسع للحيطة من السلطان خشية أن يعلم بشيء من هذا الأمر، وإلا فإن كل المساعي تذهب عند ذاك هباء، وأنه قد أرسل برسم النّفقة لكلّ واحد من الأمراء أنواع من الذّهب المصري والخيول العربية في صحبة فلان، وأنهم سيروا تلك الأحمال المذكورة فعلا (١).

وقالت لذلك الرجل: تقدّم إلى حيث يعسكر جيش السلطان، وألق بنفسك في خيمة بعض المقرّبين إليه، وأفش هذا الأمر إليه على سبيل الإنذار، وقل إنني كنت في وسط جيش الشام حين وصلت رسائل سائر الأمراء إليهم، وأنهم قد أتوا بالكثير من الأموال والأمتعة من الشام لكل واحد منهم، وجهّزوها في الموضع الفلاني، وجلسوا ينتظرون الفرصة لكي يسلّموا كل واحد نصيبه منها، وإن لم تصدّقوني اذهبوا إلى الموضع المذكور لمشاهدتها.

وبهذه الفرية دخل ذلك الشخص سلّة الحيلة، ورمى بنفسه على أحد غلمان السلطان، وأسّر إليه بالأمر، فأبلغ الغلام حضرة السلطنة في الحال، فأرسل السلطان الأمناء مع ذلك الشخص- الذي كان الغلام قد دلهم عليه- إلى المكان المعلوم فأخذوا الأحمال والخزائن وذهبوا بها إلى السلطان، ووجدوا رسائل مختومة في كيس. فلما قرأ السلطان الرسائل/ نهض وانتفض وساء ظنّه بالأمراء البرآء وأمر بالقبض على ذلك الشخص كي لا يطّلع أحد على الأمر.


(١) قارن أ. ع ص ١٩١؛ وفي الأصل نزد آن كرد. وهو تصحيف بلا شك ل:
روان كردند.