للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الليل- عند بطلان الحواس- أخذ يتلقى أثناء النوم الكثير من اللوم من عالم الغيب [على ارتكاب ذلك الفعل القبيح والعمل الشنيع] (١)، فكان ينهض مذعورا من نومه كمن يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ (٢)، واستولى عليه الاضطراب وتملّكه النّدم لما فعل، (شعر):

- إن ضاع الكأس من اليد وانكسر الدنّ، … فما جدوى العضّ على الشّفة وتقليب اليد.

ووجّه السلطان اللّوم إلى بقيّة الأمراء قائلا: لماذا امتنعتم عن نصحي حينذاك، فاعتذروا، وعزوا الأمر إلى القضاء السماوي.

وبسبب ذلك الوهم، تمكّن مرض السلّ من السلطان، وقيل إن ماء «سيواس» لا يناسب مزاجه، فحملوه إلى «ويران شهر»، وكانوا يأتون بماء من «الفرات» يومّيا من «ملطيّة» وينقل طازجا يدا بيد إلى الشرابخانه (٣) / غير أنه لم يبلّ من مرضه. فنظم هذا الدّوبيت من إملاء قريحته الشعرية، (شعر):

- تركنا الدنيا، ومضينا، غرسنا تعب القلب، ومضينا … - فالنوبة بعد ذلك نوبتكم، لأننا، أخذنا نوبتنا، ومضينا


(١) زيادة من أ. ع، ص ١٩٥.
(٢) البقرة: الآية ٢٧٥.
(٣) قارن أ. ع، ص ١٩٨ والشرابخانه: «بيت يشتمل على أنواع المشروب من المياه على اختلافها، والسكّر والأشربة والدّرياقات والسّفوفات والمعاجين والأقراص .. وما يجري هذا المجرى … إلخ» (شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، طبع دار الكتب المصرية ١٩٣١ م، ٨: ٢٢٤).