للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيف الدين، وما إن وقع نظر سيف الدين على/ محيّا السلطان المبارك حتى وضع رأسه على الأرض وأجرى الدمع من العين، ثم أخرج الكفن من تحت إبطه وعقده على رقبته، وأخذ السّيف من الحافظ ووضعه أمام السلطان، وقال:

أنا راض بكل ما يحكم به المليك عليّ اليوم.

كان قلب الملك موزّعا، فلما سمع هذه الكلمات اطمأن قليلا، وشرع في إبداء الاعتذار، ووعد بخير. قال الأمير سيف الدين: إن كان المليك صادقا فيما يقول فلينطق بالقسم وليصبح الخطّ الأشرف مسطورا بنفس المعنى. فأقسم السلطان تحت إلحاحه، وخطّ كتاب الأمان بالخطّ المبارك للسلطان، غير أن الأمير سيف الدين لم يقتصر على ذلك وإنما أخرج مصحفا كان في الحمائل من غلافه ووضعه أمام السلطان وقال: إن خط اليد الأشرف هو بالقطع سبب أمن العالمين وأمانهم، غير أنكم لن تضنّوا علي بتأكيده بكلام الله المجيد، فأقسم الملك ثانية.

فلما وثق «چاشني گير» بتلك العهود أطلق لسانه قائلا «أطال الله عمر الملك، انتقلت روح أخيك من عالم التّراب إلى ذروة الأفلاك، وبذلك تؤول المملكة والسلطنة إليك، وينطق العرش والخاتم بقول الحق تعالى: إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ (١) والمأمول في مكارم رفعة العاهل المعظّم أن يدخل القدم في ركاب دابّة تنهب الأرض نهبا فيزيّن عرش السلطنة».

وحين بلغ تخمين السلطان مبلغ اليقين، صلّى ركعتين شكرا لله، تلا فيهما بصوت عال قول الله عز وجل: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ (٢)، وانفصل


(١) سورة يوسف: ٥٤.
(٢) تضمين من سورة يوسف: ١٠١.