للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن السجن مولّيا وجهه شطر الإيوان والعشّ كما ينفصل القمر عن الغمام والسّيف عن الغمد.

وقدّم أمير «الآخور» (١) - وكان يسمى «أغلبك» - بغلة سريعة السير على شاكلة تلك التي كان السلطان قد رآها في المنام وقال: «اركبوا» (٢) فركبها ومضى يسابق ريح الصّبا، ويطوي المنازل منزلا بعد منزل، وظلوا ساهرين إلى أن بلغوا بوّابة المدينة عند السّحر.

ظلّ أمير المجلس يجول راكبا طوال الليل في القلعة، ويوهم الناس بأن السلطان سليم معافى. وكان قد ندب خمسين غلاما للوقوف على باب المدينة وأمرهم بأن يخبروه بوصول «أغلبك». فلما صاح «أغلبك» مناديا، سارع أمير المجلس وفتح باب المدينة وما إن وقع بصره على السلطان حتى قبّل الأرض والرّكاب. وتوجه أمير المجلس و «چاشني گير» في خدمته نحو تابوت أخيه، وفتحوا التّابوت فرأى وجه أخيه. ثم أجلسوه على العرش، ودعوا القاضي والأئمّة والوجهاء للحضور إلى الدّيوان، ولم يكن لأحد علم بما يجري.

وحين استوى السلطان على العرش، ومثل القادة والبواسل كلّ في مكانه، خرج سيف الدين من عند السلطان إلى الدّهليز، وقال: «ليكن معلوما للأئمة والأكابر أن السلطان «عز الدين كيكاوس» قد أصبح مستغرقا في قاموس رحمة الحق (تعالى) ونزل في تابوت «فيه سكينة من ربكم» (٣)، وقد زين أخوه السلطان المعظم «علاء الدين كيقباد» العالم بجلاله الباعث على السعادة،


(١) انظر فيما سبق ص.
(٢) تضمين من سورة هود: ٤١.
(٣) تضمين من سورة البقرة: ٢٤٨. (١) قارن أ. ع، ص ٢٠٩.