فكتب «بايجو» مكتوبا/ وفقا لملتمس الدّويني، وفي الليلة التي وجد فيها الفرصة رفع مائتي محارب تامّ السلاح إلى البرج، فانطلقوا نحو البوّابة وكسروا الباب، ودخل الجيش المدينة وتمّ إخبار الأمير سنان الدين وأستنكوس، فتقاطروا مع الجند على ذلك الباب لسدّه، وأخذوا يعملون سيوفهم التي ظلت تقطر دما حتى الصّباح.
وعند الفجر كانت المدينة قد امتلأت بالمغول، وحل البلاء العامّ، وبقيت النسوة الطّاهرات من حرم الأمم أسرى في يد كلّ غريب، وتمرّغ الأطفال الأعزّة في تراب المهانة، ولم يبق لأحد أبدا مجال للهرب أو وسيلة يمسك بها، وكسفت الشمس من الحرارة المنبعثة من نار السّيف، وخسفت مرآة القمر من الآهات الطالبة للنّجدة.
فلمّا فرغ الجيش من النّهب والغارة، شرعوا في أخذ الأسرى، فأخرجوا النّساء والرّجال والكبار والصغار من المدينة، وقسّموهم فيما بينهم، وأبقوا على من كان يصلح للعمل حيّا، ثم انهالوا على الباقين فجعلوهم طعمة للسيوف ومضغة للحتوف.
وأخرجوا الأمير «سنان الدين ياقوت» وابنه مقيّدين عاريي الرّأس، وكوّموا ما يملكه من جواهر وأحجار كريمة ومقتنيات ذهبيّة في الميدان. وقال له «بايجو»:
ما بالك لم تتخذ جندا وعندك كلّ هذا المال، فما الفضّة البيضاء إلّا لليوم الأسود. فأجاب: إذا كان رزقك يسعى إليك، فكيف يتسنى لي التصرّف فيه.
فأمر بأن يقتلوا ابنه أمام عينيه، فقتلوه، ثم استداروا إليه. وسلكوا طريق «مغان» بكنز هائل [من الغنائم].