للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت عائشة: قلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟

قال: يا عائشة، إنّ عينىّ تنامان ولا ينام قلبى».

ــ

خبر «أفضل الصلاة طول القنوت» (١) أى القيام، وقيل: الأفضل تكثير الركوع والسجود لخبر «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» (٢) ويجاب: بأن الأول صريح فى الأفضلية، بخلاف الثانى لاحتمال أن الأقربية فيه بالنسبة للركوع؛ بل يتعين حمله على ذلك جمعا بينه وبين «أفضل الصلاة طول القنوت» (٣) والحاصل: أن هذا لا يمكن رده لذلك بخلاف العكس، وقيل: تطويل القيام ليلا أفضل، وتكثير الركوع والسجود نهارا أفضل. (قالت عائشة. . .) إلخ رواه البخارى عنها أيضا. (أتنام. . .) إلخ إنما سألت عن ذلك، لأنها ظنت أنه يريد الاقتصار على الأربعة الأولى، فإن قضيته ثمّ أنه فصل بينها وبين ما بعدها. (فقال. . .) إلخ: أى إنما فعلت ذلك لأنى أخشى فوت الوتر (٤)، ومن لا يخشى ليس (٥) له تأخير كما فى غير هذا الحديث أيضا ولا يرد عليه يوم الوادى لما فيه والحاصل: أنه صلى الله عليه وسلم لأجل ما خصه الله به من هذه الخصوصية كان واثقا بقيامه وإن نام وإن نومه فى الوادى جاء على خلاف الوثوق للحكمة الآتية. (ولا ينام قلبى) هو من خصائص الأنبياء لحياة قلوبهم واستغراقها فى شهود جلال الحق وجماله ومر أن وضوئه صلى الله عليه وسلم لا ينتقض بالنوم لذلك، لأن القلب يقظان فيحس بالحدث وإنما فاتته الصبح فى قصة الوادى، لأن رؤية الفجر من وظائف البصر وقد علمت أنه ينام وأما الجواب بأنه كان له حال ينام فيه قلبه لكنه نادر فصادف يوم الوادى فضعيف بل شاذ لمخالفته تصريح ولا ينام قلبى الشامل لسائر الحالات، إذ الفعل المنفى يفيد العموم، ولا يلزم من استيقاظه إدراكه لذلك الزمن الذى هو من قبل طلوع الفجر إلى أن حميت الشمس لما مر آنفا؛ أن ذلك من وظائف البصر ولاحتمال أن قلبه إذ ذاك كان مستغرقا بالوحى واستغراقه به لا يستلزم وصفه، فقد كان يستغرق به فى اليقظة أيضا وحكمة ذلك بيان


(١) مسلم (١/ ٥٢٠) حديث (٧٥٦)، والنسائى (٥/ ٥٨)، والبيهقى (٣/ ٨).
(٢) مسلم (١/ ٣٥٠) حديث (٤٨٢)، وأبو داود (١/ ٢٣١) حديث (٨٧٥)، والنسائى (٢ - ٢٢٦).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) فى (ش): [الوقت].
(٥) فى (ش): (لا يسن).

<<  <   >  >>