للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٦٤ - حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن

ــ

محمد بن واسع البصرى. (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بآية من القرآن) هى كما جاء فى طريق آخر قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ (١).

(ليلة) يحتمل أن المراد: أنه صلى الله عليه وسلم استمر يكررها فى ركعات تهجده تلك الليلة، فلم يقرأ فيها بغيرها، وأنه صار يكررها فى قيامه، أو فى قيام ركعة واحدة إلى أن طلع الفجر، وأنه لم يكن فى صلاته، بل قرأها خارجها، فاستمر يكررها إلى الفجر، وهو قائم، أو قاعد، وعلى الأخير يكون من قام بالأمر أخذه وعزم من غير فتور، أو قامت الحرب على ساقها أى اشتدت وحمى وطيسها وح، فمعنى قام بها أى داوم على تكريرها، والتفكر فى معانيها إلى الفجر، لما أنه اعتراه عند قرأتها من هيبة ما ابتدئت به ما أوجب اشتعال نار الخوف، من حلاوة ما ختمت به ما أوجب اهتزاز أريحة طربا وسرورا، وفيها من الأسرار: أنه لما ذكر العذاب علل بوصف العبودية، إشارة إلى عظيم تحليه بوصف الاستحقاق والعدل، إذ لم يتصرف إلا فى ملكه، والمتصرف فى ملكه بأى نوع شاء، لا ينسب لجور ولا ظلم، ولما ذكر المغفرة علله بتحليه بوصف العزة والحكمة، إشارة ما هو تحليه بوصف التفضل والإنعام المقترن بغاية العزة والقهر والحكمة البالغة، وإن خفيت عن الخلق، ثم رأيت ما يرجح الاحتمال الأول من الاحتمالات السابقة فى معنى قيامه تلك الآية، وهو ما فى فضائل القرآن عن أبى ذر قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالى فقرأ آية واحدة الليل كله حتى أصبح، بها يقوم، وبها يركع، وبها يسجد» (٢) ولا ينافيه خبر مسلم: «إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا وساجدا» (٣) لاحتمال أن ذلك النهى كان بعد تلك الليلة.

٢٦٤ - (فلم يزل قائما. . .) إلخ فيه أن صلاة النافلة جماعة، وأنه يسن للإمام


٢٦٤ - إسناده صحيح: رواه البخارى فى التهجد (١١٣٥)، ومسلم فى المسافرين (٢٠٤،٥٣٧)، وابن ماجه فى الإقامة (١٤١٨)، والإمام أحمد فى المسند (١/ ٣٨٥،٣٩٦،٤١٥،٤٤٠)، من طرق عن عبد الله بن مسعود به فذكره مرفوعا.
(١) سورة المائدة: آية رقم (١١٨).
(٢) رواه النسائى فى سننه (٢/ ١٧٧)، وابن أبى شيبة فى مصنفه (١٤/ ٢٧٢).
(٣) رواه مسلم فى صحيحه (٢٠٩،٢١٠،٢١٢،٢١٤).

<<  <   >  >>