للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجاوزه، الذين يلونه من النّاس خيارهم، أفضلهم عنده أعمّهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة، أحسنهم مواساة وموازرة.

ــ

الدعة والرفاهية. (أو يميلوا) من الميل فى أخرى: «ويميلوا» بالواو لكل حال من أحواله وأحوال غيره. (عنده عتاد) بفتح أوله أى: عدة وتأهب بما يصلحه ويناسبه. (لا يقصر) من التقصير والقصور. (عن الحق) وسائر أحواله حتى يستوفيه لصاحبه إن علم منه عما فيه، ولا يعطى فيه رخصة ولا تهاونا. (ولا يجاوزه) فلا يأخذ أكثر منه، وزعم أن لا يقصر بالمعنى الثانى صفة عتاد ليس فى محله، لأن المقام ينبو عنه بكل وجه كما هو جلى ومن شرح جملة قوله: «ولا يقصر» والتى بعدها بقوله: «ولا إفراط ولا تفريط» فقد غفل، إذ لا مجال هنا لذكر إفراط ولا تفريط إثباتا ولا نفيا. (الذين يلونه من الناس) أى يقربون منه لاكتساب الفوائد وشرها وتعليمها لهم. (خيارهم) فيه دليل على أن الأولى للعالم أن يجعل الذين يقربون منه ويتلقون عنه خيار أصحابه، لأنهم الذين يؤتمنون ويوثق بهم علما وفهما أو تبليغا ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ليلينى منكم-أى فى الصلاة-أولى الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم» (١) فكذا حلق العلم ومجالسيه ينبغى أن يكون أهله كذلك. (أفضلهم عنده أعمهم نصيحة) للمسلمين أى: أكثرهم نفعا، وبهذا وما بعده علم أن الأفضل عند الله من الصحابة رتب الخلفاء الأربعة فى الفضل على ما عليه أهل السنة والجماعة، إلا بعضا منهم: فضلوا عليا على عثمان رضى الله عنهم، ومن تتبع سير أحوالهم وانكشفت له مناقبهم علم ذلك علما يقينا، وأما من انطمست بصيرته وفسدت سريرته، فإنه يجرى فى ميادين ضلالته وشقائه. (مواساة) أى بالنفس والمال. (ومؤازرة) مهموز الفاء أى معاونة فى مهمات الأمور بالنفس والمال أيضا: كما وقع للإنصار مع المهاجرين فى كل من الأمرين.

تنبيه: مخرجه صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى ثلاثة أجزاء أيضا قسم لله، وهو وقت إقامة الصلاة، وتعلم العلوم، وقسم لنفسه، وهو ما تدعو إليه ضرورة، وقسم للناس، وهو السعى فى حوائجهم، فلم خص تلك النعمة بمدخله فقط، ويجاب: بأنهم يعلمون أحواله فى


(١) رواه مسلم فى الصلاة (٤٣٢)، وأبو داود (٦٧٥)، والترمذى (٢٢٨)، والدارمى (١/ ٢٩٠)، وأحمد فى مسنده (١/ ٤٧٥)، وابن حبان فى صحيحه (٢١٨٠)، وابن خزيمة فى صحيحه (١٥٧٢)، والطبرانى فى الكبير (١٠٠٤١)، والبيهقى فى السنن الكبرى (٣/ ٩٦،٩٧)، وأبو عوانة فى مسنده (٢/ ٤٢)، والبغوى فى شرح السنة (٨٢١).

<<  <   >  >>