للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: أن صحابة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفي مقدمتهم الإمام علي بن أبي طالب، لم يكن من اليمين أو اليسار، بل هذا الاصطلاح لا وجود له في هذه الفترة ولم يظهر إلا في القرن الثامن عشر، أي بعد مضي اثني عشر قرنًا على عصر الصحابة.

ثالثًا: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يشكل مجلسًا خاصًا للشورى، بل كان يستشير الحاضرين من الصحابة لا يفرق بين الفقير والغني والرئيس والمرءوس.

لهذا شاور جميع الصحابة في أمر قريش واعتراض قوافلها، وشاور جميع من حضر غزوة بدر في اختيار موقع المعركة. وشاور جميع الحاضرين من الصحابة في غزوة أحد، فاختار أغلبيتهم أن يخرجروا لملاقاة قريش خارج المدينة، واستشار الصحابة في تسليم ثلث ثمار المدينة مقابل انسحاب قريش وحلفائها في غزوة الخندق، فآثر الصحابة من أهل المدينة استمرار القتال وفاءً بعهدهم وبيعتهم لله ورسوله. كما شاورهم في صلح الحديبية، واستشار زوجته أم سلمة في أمر الصحابة، الذين لم يستجيبوا لبعض شروط الصلح ولم يتحللوا في العمرة، وعمل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برأيها فكان خيرًا وبركة.

رابعًا: أن جميع المصادر التاريخية تثبت أنه لم يكن للنبي مجلس للشورى بتشريعنا الحالي بل كان يستشير جميع الحاضرين على النحو سالف الذكر.

خامسًا: كما تثبت هذه المصادر التاريخية الكذب والاختلاق فيما زعمه الكاتب اليساري من استبعاد من سماهم بالمستضعفين أو اليساريين ومنهم سلمان الفارسي، فلا ينكر أحد من المؤرخين أن سلمان الفارسي هو الذي أشار بحفر الخندق في غزوة الأحزاب، وأخذ بذلك النبي ولم يكن أحد من العرب يعرف هذه الوسيلة الدفاعية.

سادسًا: أن المركز الاجتماعي ليس شرطا لتولي أي عمل أو مسؤولية في الإسلام، والمصادر كلها تكذب الكاتب في دعواه قصر الشورى على طبقة بعينها. قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣]، وقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]، وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَلَوْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ».

وشروط عضوية مجلس الشورى عند الفقهاء ثلاثة: على ما أورده الماوردي وهي العدالة، والحلم، والثالث هو: الرأي والحكمة (" الأحكام السلطانية ": ص ٦) (١).


(١) " الوطن " في ١٠/ ١ / ١٩٨٦.

<<  <   >  >>