للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يقول في هذه المقدمة «هذا المجلس لم يكن يضم من اليساريين الثوريين إلا علي بن أبي طالب. ولو تشكل مجلس الشورى أو على الأصح لو كان ممكنًا أن يتشكل المجلس منهم، لسار الإسلام سيرة أخرى تمامًا. ولكن ما كان يمكن أن يتصدر مجلس الشورى رجال من أمثال سلمان الفارسي أو أبي ذر الغفاري أو عمار بن ياسر أو صهيب الرومي والقبلية ما زالت في عنفوانها».

هذه المقدمة تزعم أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شكل مجلس الشورى من أصحاب المراكز الاجتماعية. وأنه لم يدخله من المستضعفين إلا علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، والذي جعله الكاتب يساريًا.

هذه المقدمة الكاذبة تؤدي إلى نتيجة كاذبة خاطئة، هي أن صحابة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانوا موزعين إلى يمين ويسار. وأن اليساريين منهم كانوا مقربين إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لأنه زعيم اليسار ومؤسس مبادئه ولكنه لم يستطع أن يدخلهم في مجلس الشوري الذي أسسه، لوجوب موانع طبقية، اضطرته أن يبعدهم ما عدا علي بن أبي طالب.

إن المصادر التاريخية التى يستقي منها هذا الكاتب، وكل من كتب أو يكتب عن هذه الفترة تكذب كل ما سطره الكاتب المذكور. ونكتفي من هذه الأدلة بما يأتي:

أولاً: القرآن الكريم وهو أول هذه المصادر، يصف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصحابته بقول الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (١) وبقوله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٢)، كما يقول الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} (٣)، ويقول الله تعالى عن المهاجرين {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (٤).

ويقول الله تعالى عن الأنصار: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٥).


(١) [الأحزاب: ٦].
(٢) [الأحزاب: ٤٠].
(٣) [الفتح: ٢٩].
(٤) [الحشر: ٨].
(٥) [الحشر: ٩].

<<  <   >  >>