للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل السابع: إيقاظات وتنبيهات]

الأول: ما هي العلوم التي ينبغي التبحُّر فيها؟

لا شك أن الناس قدرات ومواهب، فينبغي للإنسان أن ينظر بعين البصيرة فيما يمكن أن يحسنه ويُبْدع فيه (وقيمة كل امرىءٍ ما يحسنه) ، فيكرَّس فيه جهدَه ويستنفد فيه وُسْعَه، ويكون مع ذلك ذا همة عالية، فإن ((من شَغَلَ نفسَه بأدنى العلوم وتركَ أعلاها -وهو قادر عليه-، كان كزارع الذُّرَة في الأرض التي يجود فيها البُرُّ، وكغارس الشَّعْراء (١) حيثُ يزكو النخل والزيتون)) .

أمَّا ((من مال بطبعه إلى علمٍ ما -وإن كان أدنى من غيره- فلا يشغلها بسواه، فيكون كغارس النارجيل (٢) بالأندلس، وكغارس الزيتون بالهند، وكلُّ ذلك لا يُنجب)) ، كما قال ابن حزم (٣) -رحمه الله-.

لكن السؤال، ما هي أجلّ العلوم؟

أجل العلوم ما قرَّبك من خالقك، وما أعانك على الوصول إلى


(١) ضرب من الحمضيات، ليس له ورق تحرص عليه الإبل.
(٢) هو: جوز الهند.
(٣) في ((رسالة مداواة النفوس)) : (١/ ٣٤٤) ضمن ((رسائل ابن حزم)) وما بين الأقواس منه.

<<  <   >  >>