للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول: وما سيرة ابن حزمٍ (٤٥٦) ، وشيخ الإسلام ابن تيمية (٧٢٨) ، وابن الوزير (٨٤٠) عنَّا ببعيد، وما خلفوه من تراثٍ خَيْر حافظ على ذلك وشهيد.

وخذ مثالاً للدلالة على سَعَة اطلاع شيخ الإسلام، قال الصفديُّ (١) -تلميذه-: ((أخبرني المولى علاء الدين عليُّ بن الآمدي -وهو من كبار كُتَّاب الحساب- قال: دخلتُ يومًا إليه أنا والشمس النفيس عامل بيت المال -ولم يكن في وقته أكتبَ منه- فأخذ الشيخ تقي الدين يسأله عن الارتفاع وعما بين الفَذْلكة واستقرار الجملة من الأبواب، وعن الفَذْلكة الثانية وخَصْمها، وعن أعمال الاستحقاق، وعن الخَتْم والتوالي، وما يُطلب من العامل. وهو يجيبُه عن البعض، ويسكت عن البعض، ويسأله عن تعليل ذلك؟ إلى أن أوضح له ذلك وعلَّله، قال: فلمَّا خرجنا من عنده قال لي النفيس: والله تعلَّمت اليومَ منه مالا كنت أتعلمه. انتهى ما ذكره علاءُ الدين)) .

واستمع إلى هذا الوصف العجيب، الذي يُوْقِفُك على سَعَة اطلاع شيخ الإسلام، ذكر السخاوي في ((الجواهر والدرر)) (٢) عن القاضي شمس الدين بن الديري يقول: ((سمعتُ الشيخَ علاء الدين البسطامي -ببيت المقدس- يقول وقد سأله: هل رأيت الشيخ تقيَّ الدين ابن تيميَّة، فقال: نعم. قلتُ: كيف كانت صِفَتُه؟ فقال: هل رأيتَ قُبَّةَ الصَّخرة؟ قلت: نعم. قال: كان كقُبَّة الصخرة مُلأ كتبًا لها لسان ينطق!!)) اهـ.


(١) في ((الوافي)) انظر: ((الجامع لسيرة شيخ الإسلام)) : (ص/ ٣١٠) .
(٢) (١/ ١١٧) .

<<  <   >  >>