الأول: ما رأيته -ورآه غيري- من عُزُوف كثير من (طلبة العلم!!) -لا سواهم- عن إيلاء كتب العلم مكانتها، وإنزالها منزلتها، فاشتغلوا عنها بغيرها.
فجماعة منهم ظنوا أنهم قد بلغوا من العلم ما لا يُحتاج معه إلى مزيد قراءةٍ واطلاع، فقنعوا بما أحرزوه من ألقاب!! وشهادات!! ومناصب ووجاهة!!.
فما هو إلا أن حاز ((اللقب)) حتى أعرض عن الطَّلَب، وقد كان يدّعي العكس، يقول: دعوني أضع همَّ ((اللقب)) ثم أُمْعِن في الطلب! فما باله انقلب!!.
وياليته وقف هنا فحسب، لكنه اتكأ على أريكته وعرَّض الوساد، وتنمَّر على العباد، وانسلخ من طلب العلم إلى طلب الدنيا، فأصبح ((اللقب) حينئذٍ خديعة يخدع بها المرءُ نفسَه وغيره.
ولو كانت الألقاب تؤخذ عن أهليَّةٍ واستحقاق، لهنان الخطْبُ وانقطع الخِطاب، لكن العكس هو الواقع، فأصبحتْ أحيانًا تُباع وتُشْترى، وأحيانًا تُعطى لبحوثٍ هزيلة، وأحيانًا لبحوث منقولة عن غيرها، وهكذا في سلسلة نكِدة من التخاذل العلمي، فهل يوثق بعد هذا بشهادةٍ أو لقب (١) ؟!.
(١) لكن بعض الصالحين لم يستطع التخلُّصَ من ضغط الواقع في اعتبار هذه (الألقاب السحرية!!) كل شيءٍ، فمع يقينه أنها لا شيء إلا أنه -دائمًا- لا يستطيع أن =