للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستزادة من العلم ... حتى في ساعة الاحتضار

ساعة الاحتضار لا يمكن لأحدٍ أن يصفَ حقيقتها أو يصلَ إلى كُنْهها، لكن الكلُّ يعلم أنها ساعة رهيبة ولحظةً مُذهِلة، إنها ساعة الانتقال والتحول من الدنيا إلى الآخرة، من الحياة إلى الموت، هل هناك ساعة في الدنيا أرهب من هذه؟! هل هناك ساعة في الدنيا أشد حرجًا وأكثر شغلاً منها؟! كلا.

فما بالك بأناسٍ في هذه (الساعة وفي هذه اللحظة) يتذاكرون العلم، ويقيدون الفوائد، ويحرصون على ذلك كلِّه، كأقوى ما يكونون صِحَّةً، وكأشدِّ ما يكونون نَشَاطًا!! نعم هذا مما حفظه لنا التاريخ وسطرته الكتب، فثبت وصحَّ ليبقى عِبْرة وعِظة لِلخالِفِ، وحاديًا يتعلل به الطالب.

وسرُّ قدرتهم على ذلك، شِدَّة النَّهَمة، وسموّ الهمة.

قال العلامة ابن الجوزي (١) :

لي همةٌ في العِلْم ما إن مثلُها ... وهي التي جَنَتِ النُّحُوْلُ هي التي

خُلِقت من العِلْق العظيمِ إلى المُنَى ... دُعِيت إلى نَيْل الكمالِ فَلبَّتِ

وهذا مصداق خبر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْهُومانِ لا يَشْبَعَانِ، طالبُ عِلْمٍ


(١) انظر: ((ذيل الروضتين)) : (ص/ ٢٥) ، و ((السير)) : (٢١/ ٣٧٩) ، في قصيدة له.

<<  <   >  >>