للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غَبَرَتْ أربعين عامًا ما قِلْتُ ولا بِتُّ ولا اتكأتُ إلا والكتابُ موضوعٌ على صدري)) .

* إذا غلبَه النومُ أمسكَ كتابًا ليطرده

((قال ابن الجَهْم (١) : إذا غشيني النُّعاس في غير وقت نومٍ -وبئس الشيءُ النومُ الفاضِلُ عن الحاجة- قال: فإذا اعتراني ذلك تناولتُ كتابًا من كتب الحِكَم، فأجدُ اهتزازي للفوائد، والأريحية التي تعتريني عند الظَّفَر ببعض الحاجة، والذي يَغْشى قلبي من سرور الاستبانة وعزّ التبيين (٢) أشدَّ إيقاظًا من نهيق الحمير وهَدَّة الهَدْمِ)) .

أقول: فهذا غايةٌ في الشَّغَفِ والتعلُّقِ بالكتابِ والعلم! فإذا غَلَبه النُّعاس طردَه باستجلاب الكتب والنظر فيها، فيهتزُّ لفوائدها، ويَطْرَبُ لحِكَمها.

فأين هذا من (طُلابٍ!) يستجلبون النومَ بالنظر في الكتب؟! فاختلاف الحالين وتبايُن النتيجتين تَبَعٌ لاختلاف مكانة العلم والكتب عند الفريقين (٣) !!.

* ضَعُفَ بصرُه من كثرة المطالعة

وفي ترجمة الحافظ عبد الغني المقدسي صاحب ((الكمال)) (٤)


(١) نقله عنه الجاحظ في ((الحيوان)) : (١/ ٥٣) .
(٢) قال العلامة عبدُالسلام هارون: لعلها: ((التبيّن)) .
(٣) وينطبق على هؤلاء الكُسالى -لا كثَّرهم الله- ما ذكره الجاحظ في ((البيان والتبيُّن)) : (١/ ١٧٠) قال: ((قال رجل لخالد بن صفوان (أحد بلغاء العرب وفصحائها) : ما لي إذا رأيتكم تتذاكرون الأخبار، وتتدارسون الآثار، وتتناشدون الأشعار، وقعَ عَلَيَّ النوم؟! قال: لإنك حمارٌ في مِسْلاخِ إنسان)) اهـ.
(٤) ((الكمال في معرفة الرجال)) في رجال الكتب الستة، لا يزال مخطوطًا، وهو =

<<  <   >  >>