فهذه رسالة تُجلّي لنا جانبًا مهمًّا من جوانب النموِّ العِلْمي، ورافدًا أساسًا من روافد التوسُّع المعرفي.
تكشف لنا هذه الرسالة عن صورةٍ مُشْرِقةٍ من حياة العلماء، ضربوا فيها أروعَ الأمثلة، وأصدقَ البراهين، وأجلى الدلالات على حبهم للعلم، وشَغَفِهم به، وتفانيهم من أجل تحصيله وطلبه.
هذه الأمثلة والبراهين كثيرة ومتنوِّعة، اصطفيتُ منها ما يتعلَّق بحياة العلماء مع الكتب، في اهتمامهم بها قراءةً وإقراءً، في تحصيلهم لها شراءً واستنساخًا، في شغفهم بها، وحرصهم عليها، واصطحابها معهم سَفَرًا وحضرًا، في مواقف عجيبة، وصورٍ مُعْجِبة، ولا عجبَ!!.
قال ابن القيم -رحمه الله-: ((وأما عُشَّاق العلم فأعظم شغفًا به وعِشْقًا له من كلِّ عاشقٍ بمعشوقه، وكثيرٌ منهم لا يَشْغَلُه عنه أجملُ صورةٍ من البشر)) (١) اهـ.
وقال -أيضًا-: ((ولو صُوِّر العلمُ صورةً، لكانت أجملَ من صورة
(١) ((روضة المحبين)) : (ص/ ٦٩) . وانظر فصلاً في ((لذة العلم)) في ((أبجد العلوم)) : (١/١٠٠) للقنوجي. و ((مداواة النفوس)) لابن حزم.