للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التشاغُل بالعلم، حتى إني رأيتُ بخَطِّه: إني لا يحلّ لي أن أُضيع ساعةً من عمري، حتى إذا تعطَّل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مُطالعة، أعملتُ فِكري في حالة راحتى وأنا مُسْتَطرِحٌ، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره. وإني لأجد من حِرصي على العلم وأنا في عَشْر الثمانين (١) أشدّ مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة)) اهـ.

ونقلَ ابنُ رجب من ((الفنون)) لابن عقيل أنه قال عن نفسِه: ((أنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي، حتى أختار سفَّ الكعك وتحسيه بالماء على الخبز، لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ، توفّرًا على مطالعةٍ، أو تسطير فائدة لم أدركها فيه)) اهـ.

[* إذا لم اشتغل بالعلم، ماذا أصنع؟ ‍‍‍‍‍‍!.]

ذكر الإمام المقريزيّ في ((المقفَّى الكبير)) (٢) العلامةَ ابنَ صدقة الحموي (٥٩٩) أنه كان كثيرَ الاشتغال بالعلم دائم التحصيل له. وذكر عن الحافظ المنذري أنه قال: ((دخلتُ عليه يومًا وهو في سَرَبٍ تحت الأرض، لأجل شدَّة الحر، وهو شتغل. فقلتُ له: في هذا المكان؟ وعلى هذه الحال؟!.


(١) أي العشر التي فيها الثمانين (من ٧١ إلى ٧٩)
(٢) (٧/ ٣٩٣- ٣٩٤) .
وقال المنذري: ((إنه كان يأخذ الكتاب بالثمن اليسير ولا يزال يخدمه حتَّى يصير من الأمَّهات)) . ومثله شيخ علماء دمياط عبد الرحمن الخضري، فقد أنفق سنتين في إصلاح نسخته الخطية من ((البرهان)) لإمام الحرمين وترتيب أوراقها ومعرفة موضع الخلل فيها وكتابة نسخة منها، انظر مقدمة ((البرهان)) : (ص/ ٨٢) ، و ((الدرة المضيَّة)) : (ص/ ١٧) .

<<  <   >  >>