للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لئلا تميد، ووسع أكنافها، ودحاها فمدها وبسطها، وجعلها كفاتا للأحياء تضمهم على ظهرها، وكفاتا للأموات تضمهم في بطنها إذا ماتوا، فظهرها وطن للأحياء، وبطنها وطن للأموات، ثم انظر إلى هذا الفلك الدوار بشمسه وقمره ونجومه وبروجه، وكيف يدور على هذا العالم هذا الدوران الدائم إلى آخر الأجل على هذا الترتيب والنظام، وما في طي ذلك من اختلاف الليل والنهار والفصول والحر والبرد، وما في ضمن ذلك من مصالح ما على الأرض من أصناف الحيوان والنبات.

ثم تأمل خلق السماء، وارجع البصر فيها كرة بعد كرة تراها من أعظم الآيات في علوها وسعتها وقرارها، فلا عمد تحتها، ولا علاقة فوقها، بل هي ممسوكة بقدرة الله الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا.

وأنت إذا نظرت إلى هذا الكون وتأليف أجزائه، ونظمها على أحسن نظام - يدل على كمال قدرة خالقه، وكمال علمه، وكمال حكمته، وكمال لطفه - وجدته كالبيت المبني المعد فيه جميع آلاته ومصالحه، وكل ما يحتاج إليه، فالسماء سقفه المرفوع عليه، والأرض مهاد وبساط وفراش مستقر للساكن، والشمس والقمر سراجان يزهران فيه، والنجوم مصابيحه وزينته، تدل المتنقل في طرق هذه الدار، والجواهر والمعادن مخزونة فيه كالذخائر المهيأة، كل شيء منها لشأنه الذي يصلح له، وصنوف النبات مهيأ لمآربه، وصنوف الحيوان مصروفة

<<  <  ج: ص:  >  >>