للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه في جنات عدن؟ {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: ١٤] (١) .

فالدنيا قرية، والإنسان ساكنها والكل مشغول به، ساع في مصالحه، والكل قد أقيم في خدمته وحوائجه، فالملائكة الموكلون به يحفظونه آناء الليل وأطراف النهار، والموكلون بالقطر والنبات يسعون في رزقه ويعملون فيه، والأفلاك سخرت منقادة دائرة بما فيه مصالحه، والشمس والقمر والنجوم مسخرات جاريات بحساب أزمنته وأوقاته وإصلاح رواتب أقواته، والعالم الجوي مسخر له برياحه وهوائه، وسحابه وطيره وما أودع فيه، والعالم السفلي كله مسخر له، مخلوق لمصالحه، أرضه وجباله، وبحاره وأنهاره، وأشجاره وأثماره، ونباته وحيوانه، وكل ما فيه كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ - وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ - وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: ٣٢ - ٣٤] (٢) ومن تمام تكريمه أن خلق له جميع ما يحتاج إليه في حياته الدنيا، وما يحتاج إليه من الوسائل التي تبلغه الدرجات العلى في الدار الآخرة، فأنزل إليه كتبه، وأرسل إليه رسله، يبينون له شرع الله ويدعونه إليه.


(١) سورة المؤمنون، الآية: ١٤.
(٢) مفتاح دار السعادة، جـ ١، ص: ٣٢٧، ٣٢٨، والآيات من سورة إبراهيم، ٣٢ - ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>