للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن وطئ ثم كفر ثم عاد فوطئ في يومه، فعليه كفارة ثانية. نص عليه، لما سبق فيمن استدامه وقت طلوع الفجر، كالحج، وذكر الحلواني روايةً: لا كفارة عليه (و) . وخرَّجَه ابن عقيل (١) من أن الشهر عبادة واحدة، وذكره ابن عبد البَرِّ (ع) بما يقتضي دخول أحمد فيه، وإن لم يكفر عن الأول، فكفارة واحدة على الأصح، وذكره الشيخ بغير خلاف، فعلى الأول: تعدد الواجب وتداخل موجبه، ذكره صاحب «الفصول» و «المحرر» وغيرهما، وعلى الثاني: لم يجب بغير الوطء الأول شيء، وكذا كُلُّ واطئٍ يلزمه الإمساك (و) ، ونص أحمد في مسافر قدم مُفْطراً، ثم جاَمَع، لا كفارة عليه. قال القاضي، وأبو الخطاب: هذا على رواية أنه لا يلزمه الإمساك. واختار صاحب «المحرر» حمله على ظاهره، وهو وجه في كتاب «المُذْهب» ؛ لضعف هذا الإمساك؛ لأنه سنة عند أكثر العلماء، وفي «تعليق القاضي» وجه فيمَنْ لم ينو الصوم: لا كفارة عليه؛ لأنه لم يلتزمه.

وألزمه مالك بالكفارة بمجرد ترك نية الصوم عمداً، بلا أكل، ولا جماع، وإن أكَلَ ثم جامع، فالخلاف (٢) ، وسبق: هل تجب الكفارة بأكلٍ؟


(١) ابن عقيل رحمه الله من الذين يتساهلون بنقل الإجماع، فيستغرب أن ينقل الإجماع مع أن مذهب الإمام احمد - رحمه الله - خلافه، لكن لعله لبعده عن مناطق المتبعين للإمام أحمد أو المقلدين له صار يجهله أحيانا ويحكي الإجماع، وعلى كلٍّ فهو من الذين يتهاونون بنقل الإجماع، غفر الله له، وتتبعنا هذا في مواضع كثيرة من كلامه.
(٢) قول الإمام أحمد - رحمه الله - فيمن قَدِمَ مفطراً ثم جامع أنه لا كفارة عليه، تبين أن له مأخذين:

المأخذ الأول: أنه على رواية أنه لا يلزمه الإمساك، فيكون جامع مفطراً ولا إشكال.

والمأخذ الثاني: حتى على القول بالإمساك، فالقول بالإمساك ضعيف؛ لأن أكثر العلماء على خلافه، فلذلك ضعف القول بإيجاب الكفارة، أما المذهب فتلزمه الكفارة في كل يوم يلزمه الإمساك، فإذا جامع فإنه تلزمه الكفارة.

<<  <   >  >>