للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمره بالوضوء من مس الذكر إنما هو استحباب إما مطلقا وإما إذا حرك الشهوة (١) ،


(١) هذا أيضا من الأمور التي اختلف فيها الناس اختلافا كثيرا، والأقرب عندي أنه يجب الوضوء إذا كان بشهوة، ولا يجب إذا كان بغير شهوة، والفقهاء -رحمهم الله- يشددون في هذا، ويقولون ينقض مس الذكر ولو بلا قصد، وعلى هذا لو أراد الإنسان أن يستدني سرواله لربطه فمست يده ذكره بغير قصد؛ لأنتقض وضوءه، لكن هذا لا دليل عليه، والصواب أن مس الذكر لا يوجب الوضوء إلا إذا كان لشهوة، وبهذا يجتمع الحديثان: حديث بسرة، وحديث طلق بن علي؛ لأن طلق بن علي لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يمس ذكره أو قال يمس ذكره في الصلاة أعليه الوضوء؟ قال: «لا» . ثم قال «إنما هو بضعة منك» [أخرجه أحمد (٤/٢٣) ؛ وأبو داود في الطهارة/باب الرخصة في ذلك (١٨٢) ؛ والترمذي في الطهارة/باب ما جاء في ترك الوضوء من مس الذكر (٨٥) ؛ والنسائي في الطهارة/باب ترك الوضوء من ذلك (١٦٥) ؛ وابن ماجه في الطهارة/باب الرخصة في ذلك (٤٨٣) .] ..ومعنى بضعة أي: جزء منك، فكما أنك لو لمست اليد، أو لمست الفخذ، أو لمست الساق لا ينتقض وضوءك، فكذلك لو لمست الذكر فهو بضعة، وحديث بسرة: «من مس ذكره فليتوضأ» [أخرجه أحمد (٦/٤٠٦) ؛ وأبو داود في الطهارة/باب الوضوء من مس الذكر (١٨١) ؛ والترمذي في الطهارة/باب الوضوء من مس الذكر (٨٢) ؛ والنسائي في الطهارة/باب الوضوء من مس الذكر (١٦٣) ؛ وابن ماجه في الطهارة/باب الوضوء من مس الذكر (٤٧٩) ] هذا عام، واللام للأمر، فيحمل على أن المراد من مسه مسا ليس كمس بقية الأعضاء، واللمس الذي يختص بالذكر ولا يكون كبقية الأعضاء هو ما كان لشهوة، ولهذا تجد الإنسان يمس ذكره لشهوة، وربما يستمني بيده، فالقول الراجح: أنك إذا مسست الذكر المس الخاص به، وهو الذي يكون لشهوة؛ وجب عليك الوضوء؛ لأن هذا مظنة خروج شيء، ولاسيما في الرجل المذَّاء، فقد يخرج مذي وهو لا يدري، وأما إذا كان بغير شهوة فلا ينقض الوضوء، ومن العلماء من قال: يستحب الوضوء احتياطا.

<<  <   >  >>