للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك بهذه الطريق (١) يعلم أن بول ما يؤكل لحمه وروثه ليس بنجس، فإن هذا مما تعم به البلوى، والقوم كانوا أصحاب إبل وغنم، يقعدون ويصلون في أمكنتها، وهي مملوءة من أبعارها، فلو كانت بمنزلة المراحيض كانت تكون حشوشاً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم باجتنابها، وأن لا يلوثوا أبدانهم وثيابهم بها، ولا يصلون فيها (٢) .


(١) يعني: كون الشيء مما تعم به البلوى، ويكثر وقوعه بين الناس، ولم يبين الشارع حكمه، يدل على أنه ليس فيه وجوب ولا تحريم؛ لأنه لو كان فيه وجوب لأمر به، ولو كان فيه تحريم لنهي عنه.
(٢) فإن قال قائل: أليسوا أيضا أهل حمير وأهل بغال؟ وهل نجعل أبوال الحمير والبغال طاهرة؟

نقول: لا نجعلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحمر: «إنها رجس» [أخرجه البخاري في الذبائح والصيد/باب لحوم الحمر الإنسية (٥١٠٢) ؛ ومسلم في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان/باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية (١٩٤٠) .] فهي نجسة، لكن لم يقل في الإبل والبقر والغنم وما أشبهها: إنها رجس، بل هي مما يؤكل، ويدخلها الناس في بطونهم، فضلا عن ظواهر أبدانهم، فالحاصل أن الذي عمت به البلوى في الحمير والبغال عورض بدليل خاص، وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم حكم بأنها نجسة.

<<  <   >  >>