للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكيف وقد ثبتت الأحاديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون في مرابض الغنم، وأمر بالصلاة في مرابض الغنم، ونهى عن الصلاة في معاطن الإبل؟! فعلم أن ذلك ليس لنجاسة الأبعار، بل كما أمر بالتوضؤ من لحوم الإبل، وقال في الغنم: «إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا تتوضأ» ، وقال: «إن الإبل خلقت من جن، وإن على ذروة كل بعير شيطانا» . وقال: «الفخر والخيلاء في الفدادين أصحاب الإبل، والسكينة في أهل الغنم» (١) .


(١) ولهذا إذا نفرت البعير أو عشَّرت وحملت فلا أحد يستطيع عليها، وتكون كالمجنونة، وهي لولا أن الله ذللها لنا لم نستطع أن نتحكم فيها، فالله ذللها لنا، حتى إن الصبي يقودها إلى منحرها وتنقاد معه، لكن إذا نفرت فلا أحد يستطيع عليها؛ لذلك كانت الشياطين تحملها، فهي خلقت من الجن، وكذلك على ظهر كل واحد منها شيطان كما جاء في الحديث [أخرجه أحمد (٣/٤٩٤) ؛ والطبراني في «الكبير» (٣/١٦٠) ؛ وصححه ابن خزيمة (٢٥٤٦) ؛ وابن حبان (٢٦٩٤) ؛ وقال المنذري: إسناد أحمد والطبراني جيد ا. هـ.]

وهذه أمور في الواقع تخفى علينا، وتخفى أيضا حتى على أهل الطب؛ لأن هذه أمور غيبية وليست أمورا محسوسة تدرك بالطب وشبهه، ومن ثَمَّ نهي عن الصلاة في أعطانها؛ لأنها مأوى الشياطين.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الفخر والخيلاء في الفدادين أصحاب الإبل» [أخرجه مسلم في الإيمان/باب تفاضل أهل الإيمان فيه، ورجحان أهل اليمن فيه (٥٢) .] هذا صحيح ومشاهد حتى الآن، تجد البدوي الذي عنده الإبل شامخ الرأس، شامخ الأنف، وتجد صاحب الغنم هادئا ساكنا، ولهذا اختار الله للرسل عليهم الصلاة والسلام أن يكونوا رعاة للغنم، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم» [أخرجه البخاري في الإجارة/باب رعي الغنم على قراريط (٢١٤٣) .] من أجل أن يعرف كيف يختار المواقع؟ وكيف يوجهها مع السكينة والهدوء؟

<<  <   >  >>