للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما كانت الإبل فيها من الشيطنة ما لا يحبه الله ورسوله أمر بالتوضؤ من لحمها، فإن ذلك يطفئ تلك الشيطنة، ونهي عن الصلاة في أعطانها؛ لأنها مأوى الشياطين، كما نهي عن الصلاة في الحمَّام لأنها مأوى الشياطين، فإن مأوى الأرواح الخبيثة أحق بأن تجتنب الصلاة فيه، وفي موضع الأجسام الخبيثة، بل الأرواح الخبيثة تحب الأجسام الخبيثة.

ولهذا كانت الحشوش محتضرة تحضرها الشياطين، والصلاة فيها أولى بالنهي من الصلاة في الحمَّام ومعاطن الإبل والصلاة على الأرض النجسة، ولم يرد في الحشوش نص خاص؛ لأن الأمر فيها كان أظهر عند المسلمين أن يحتاج إلى بيان؛ ولهذا لم يكن أحد من المسلمين يقعد في الحشوش (١) ولا يصلي فيها، وكانوا ينتابون البرية لقضاء حوائجهم قبل أن تتخذ الكنف (٢) في بيوتهم.


(١) لكن الخبثاء يقعدون فيها أو فيما يشابهها، ويذكر أن الكفار يتخذون المقاعد التي تسمي عندنا: «حمامات إفرنجية» ؛ لأنه إذا دخل الحمام وجلس على هذا الكرسي أخذ معه الصحيفة أو الجريدة، وجلس يقرأها حتى يكمل جميع الأخبار التي فيها، وهذه من حكمة الله عز وجل: {الخبيثات للخبيثين} [النور: ٢٦] ، ولهذا كانوا يحبون الكلاب، والكلاب أنجس البهائم، ولا يطهر الإناء الذي ولغ فيه الكلب إلا بسبع غسلات إحداها بالتراب، لكن أولئك القوم يألفونها؛ لأن النفوس الخبيثة تألف الأشياء الخبيثة.
(٢) «الكنف» : هي أماكن لقضاء الحاجة فقط، وهي عبارة عن أحواض مبنية لها سقوف، ويقضي الإنسان فيها حاجته، ثم يستنجي في محل آخر.

<<  <   >  >>