[وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا إسماعيل قال: ثنا هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجلٍ يحتجم في رمضان، فقال:«أفطر الحاجم والمحجوم» .
وقال: حدثنا أبو الجواب، عن عمار بن زريق، عن عطاء بن السائب قال: حدثني الحسن، عن معقل بن سنان الأشجعي أنه قال: مرَّ عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أحتجم في ثمان عشرة خلت من رمضان، فقال:«أفطر الحاجم والمحجوم» .
وذكر الترمذي عن علي بن المديني أنه قال: أصح شيءٍ في هذا الباب حديث ثوبان، وحديث شداد بن أوس] .
وقال الترمذي: سألت البخاري، فقال: ليس في هذا الباب أصح من حديث شداد بن أوس، وحديث ثوبان. فقلت: وما فيه من الاضطراب؟ فقال: كلاهما عندي صحيح؛ لأن يحيى بن سعيد روى عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان، [و] عن أبي الأشعث عن شداد الحديثين جميعاً.
قلت: وهذا الذي ذكره البخاري من أظهر الأدلة على صحة كلا الحديثين اللذين رواهما أبو قلابة ... [فإن الذي قال: مضطرب، إنما هو لأنه روي عن أبي قلابة بإسنادين، فبين أن يحيى بن سعيد الإمام روى عن أبي قلابة بهذا الإسناد، وهذا الإسناد، ومثل هذا كان يكون عنده الحديث بطرق، والزهري روى الحديث بإسناده عن سعيد عن أبي هريرة، وتارة عن غيره عن أبي هريرة.
فيكون هذا هو الناسخ، ولو لم يعلم التاريخ، فإذا تعارض خبران أحدهما ناقلٌ عن الأصل والآخر مبقٍ على الأصل كان الناقل هو الذي ينبغي أن يجعل ناسخاً، لئلا يلزم تغير الحكم مرتين، فإذا قدر احتجامه قبل نهيه الصائم عن الحجامة لم يغير الحكم الأمر، وإن قدر بعد ذلك لزم تغييره مرتين.
وأيضاً فإذا لم يكن الصوم واجباً فقد يكون أفطر بالحجامة للحاجة، فقد كان يفطر في صوم التطوع لما هو دون ذلك؛ يدخل إلى بيته، فإن قالوا: عندنا طعام، قال:«قربوه؛ فإني أصبحت صائماً» .