ومما يبين أن هذا ليس بمحفوظٍ عن أنس ولا عن ثابت: ما رواه البخاري في «صحيحه» عن ثابت قال: سئل أنس بن مالك: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف.
وفي رواية: على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذا ثابت يذكر عن أنس أمر الحجامة، وليس فيها إلا أنهم كانوا يكرهونها من أجل الضعف، ليس فيها أنه فطر الحاجم، ولا أنه رخص فيها بعد ذلك، وكلاهما يناقض قوله: لم يكونوا يكرهونها إلا من أجل الضعف، فإنه لو كان علم أنه فطر بها لم يقل هذا، ولو علم أنه رخص فيها لم يكره ما أرخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم فعلم أن أنساً إنما كان عنده علم بما رآه من الصحابة من كراهة الحجامة لأجل الضعف، وهذا معنى صحيح، وهو العلة في إفطار الصائم كما يفطر بالاستقاءة، وتفطر المرأة بدم الحيض] .
ومما يقوي أن الناسخ هو الفطر بالحجامة أن ذلك رواه عنه خواص أصحابه الذين كانوا يباشرونه حضرا وسفرا، ويطلعون على باطن أمره، مثل بلال وعائشة، ومثل أسامة وثوبان مولياه، ورواه عنه الأنصار الذين هم بطانته، مثل: رافع بن خديج وشداد بن أوس.
وفي «مسند أحمد» : [ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن قارظ، عن السائب بن يزيد] عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفطر الحاجم والمحجوم» .
قال أحمد: أصح شيء في هذا الباب حديث رافع.
[وقال أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن أشعث الحراني، عن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أفطر الحاجم والمحجوم» .
وقال أحمد: حدثنا يزيد بن هارون قال: ثنا أبو العلاء، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن بلال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفطر الحاجم والمحجوم» .
وقال أحمد: حدثنا علي بن عبد الله قال: ثنا عبد الوهاب الثقفي قال: ثنا يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«أفطر الحاجم والمحجوم» .