للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأجاب: أما المسافر: فيفطر باتفاق المسلمين، وإن لم يكن عليه مشقة (١) ، والفطر له أفضل، وإن صام جاز عند أكثر العلماء، ومنهم من يقول: لا يجزئه (٢) .

* * *

وسئل: عن إمام جماعة بمسجد مذهبه حنفي، ذكر لجماعته أن عنده كتابا فيه أن الصيام في شهر رمضان إذا لم ينو بالصيام قبل عشاء الآخرة أو بعدها أو وقت السحور، وإلا فماله في صيامه أجر، فهل هذا صحيح؟ أم لا؟

فأجاب: الحمد لله، على كل مسلم يعتقد أن الصوم واجب عليه وهو يريد أن يصوم شهر رمضان النية، فإذا كان يعلم أن غدا من رمضان فلا بد أن ينوي الصوم، فإن النية محلها القلب، وكل من علم ما يريد فلا بد أن ينويه، سواء تلفظ بالنية أو لم يتلفظ (٣) .

وإن التكلم بالنية ليس واجبا بإجماع المسلمين، فعامة المسلمين إنما يصومون بالنية، وصومهم صحيح بلا نزاع بين العلماء.

إن تعيين النية لشهر رمضان هل هو واجب؟ وفيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد:

أحدها: أنه لا يجزئه إلا أن ينوي رمضان، فإن صام بنية مطلقة أو معلقة أو بنية النفل أو النذر لم يجزئه ذلك، كالمشهور من مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايات.


(١) فمن قال: لا يفطر إلا إذا وجد مشقة فيستتاب، فإن تاب وإلا قتل.
(٢) والحاصل الآن أن الفطر للمسافر جائز باتفاق المسلمين، والصوم للمسافر فيه خلاف: فأهل الظاهر وجماعة من الصحابة قالوا: إنه لا يصوم، لكن الصواب أنه يجوز هذا وهذا، والصواب أيضا أن الصوم أفضل إذا تساوى عنده الأمران، فإن كان الفطر أيسر فهو أفضل، وهذا هو مذهب الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأبي حنيفة، وقد سبق تحرير القول في هذه المسألة، وذكرنا أن الأفضل أن يصوم إلا مع وجود مشقة ولو يسيرة فالفطر أفضل.
(٣) هذه قاعدة مفيدة: «كل من علم ما يريد وهو مختار فلا بد أن ينويه بمجرد فعله» ، ولا يحتاج إلى التكلف في النية، حتى قال بعض العلماء: لو كلفنا الله عملا بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق.

<<  <   >  >>