للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: يجزئه مطلقا، كمذهب أبي حنيفة.

والثالث: أن يجزئه بنية مطلقة لا بنية تعيين غير رمضان، وهذه الرواية الثالثة عن أحمد، وهي اختيار الخرقي وأبي البركات (١) .

وتحقيق هذه المسألة: أن النية تتبع العلم، فإن علم أن غدا من رمضان فلا بد من التعيين في هذه الصورة، فإن نوى نفلا أو صوما مطلقا لم يجزه؛ لأن الله أمره أن يقصد أداء الواجب عليه، وهو شهر رمضان الذي علم وجوبه، فإذا لم يفعل الواجب لم تبرأ ذمته.


(١) قوله: «فإن صام بنية مطلقة» بأن نوى الصيام ولا طرأ على باله أنه عن رمضان أو غير رمضان «أو معلقة» بأن قال: إن كان غدا من رمضان فأنا صائم «أو بنية النفل أو النذر» فعندنا ثلاث نيات في رمضان: معينة ومطلقة ومعلقة، أما إذا نوى غيره فلا شك أنه لا يجزئه ولا يجزئه عن الغير الذي نواه أيضا، لو صامه عن نذر لم يجزئه، ولو صام عن قضاء رمضان الماضي لم يجزئه؛ لأن هذا الوقت تعين لرمضان، فلو نوى غيره فيه لم يصح.

والقول الثاني يقول: يجزئه مطلقا، ولعل هذا القول مأخذه أن الزمن يعين العمل، وأنه لو نوى غيره ما صح؛ لأن هذا مكان خاص للزمن، فلا ينعقد فيه إلا ما كان مخصوصا له.

والثالث - وهو أوسطها وأعدلها -: أنه يجزئ بنية مطلقة، يعني: ينوي الصيام ولا حاجة للتعيين؛ لأنه نوى الصيام في رمضان، ولو سألت أي شخص: أي صيام أردت؟ لقال: رمضان، وقريب منها لو أن الإنسان مثلا دخل لصلاة الظهر وغاب عن ذهنه أنها صلاة الظهر، لكن في ذهنه أنها الصلاة المفروضة في هذا الوقت، فهل يجزئه؟ المذهب لا يجزئه، وهذه تقع كثيرا، خصوصا إذا جاء الإنسان والإمام راكع، فمع العجلة يغيب عن ذهنه أنها الظهر أو العصر أو ما أشبه ذلك، لكن لا شك أنه ما جاء يصلي إلا على أنها فريضة هذا الوقت، وعن أحمد رواية ثانية: أن الصلاة تجزئ بنية الفريضة المطلقة، ويعينها الوقت، وهذا هو الذي لا يسع الناس غيره في كثير من الأحيان.

<<  <   >  >>