للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تفسير الآية]

يبين الله في هذه الآية الكريمة شدة تعنت الكفار وأعراضهم عن القرآن وعدم إيمانهم به، فلو جعل أعجميا لقالوا هلّا فصلت آياته، فهم كما لم يؤمنوا به مع كونه عربيا فلن يؤمنوا به لو جعله الله أعجميا.

يقول ابن كثير: «لما ذكر تعالى القرآن، وفصاحته، وبلاغته، وإحكامه في لفظه ومعناه، ومع هذا لم يؤمن به المشركون نبه على أن كفرهم به كفر عناد وتعنت، كما قال ﷿: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِين فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٨_ ١٩٩]، وكذلك لو أنزل القرآن كله بلغة العجم لقالوا على وجه التعنت والعناد: ﴿لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي﴾ أي: لقالوا: هلا أنزل مفصلا بلغة العرب، ولأنكروا ذلك، فقالوا: أعجمي وعربي؟! أي: كيف ينزل كلام أعجمي على مخاطب عربي لا يفهمه؟!، هكذا روي هذا المعنى عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والسدي وغيرهم» (٢).

ثم قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾.

يبين الله جل وعلا أن القرآن للمؤمنين هدى يهتدون به من الضلالة إلى الحق، وشفاء لأبدانهم من الإمراض الحسية، ولقلوبهم من الشبهات والشهوات والجهل.

يقول ابن كثير: «قال ﷿: ﴿قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء﴾ أي: قل يا محمد، هذا القرآن لمن آمن به هدى لقلبه وشفاء لما في الصدور من الشكوك والريب، ﴿والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر﴾ أي: لا يفهمون ما فيه، ﴿وهو عليهم عمى﴾ أي: لا يهتدون إلى ما فيه من البيان، كما قال : ﴿وننزل من


(٢) تفسير ابن كثير: (١٢/ ٢٤٦).

<<  <   >  >>