للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآية أعني: مفهوم المخالفة، المعروف بدليل الخطاب: أن غير المتقين ليس هذا القرآن هدى لهم، وصرح بهذا المفهوم في آيات أخر، كقوله: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً﴾ [فصلت: ٤٤]، وقوله ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً﴾ [الإسراء: ٨٢]، وقوله ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٤ - ١٢٥]، وقوله تعالى: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً﴾ [المائدة: ٦٤] الآيتين» (١).

وبهذا يتبين وجه اختصاص أهل الإيمان بالقرآن اهتداء به، واستشفاء به، وعملا بما فيه، ولله الحمد والمنة على ذلك.

[دلالة الآية على الاستشفاء بالقرآن]

لقد أخبر الله في هذه الآية أن القرآن شفاء لما في الصدور، وهي القلوب، وهي محل الشبهات، والشهوات، والجهل، والهموم، والغموم من الإنسان، والإنسان مركب على قلبه صلاحاً وفساداً، وفي إخبار الله بذلك عن القرآن دليل على شرعية الاستشفاء به، من كل ما يعرض للقلب، فعلى من رام شفاء قلبه أن يقبل على هذا القرآن تلاوةً وعملاً واستشفاءً، فهو شفاء محض لا تشوبه شائبة.

ومن النكت اللطيفة في الآية: أن الله وصف القرآن بأنه شفاء، ولم يصفه بأنه دواء، وهذا يدل على تحقق حصول النتيجة عند الاستشفاء به، وهي زوال الداء


(١) أضواء البيان: (١/ ٤٥).

<<  <   >  >>