للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الأول: قال الحسن: إنه شفاء للقلوب فقط (١).

والقول الثاني: ذهب الجمهور إلى أن القرآن يتضمن شفاء الأبدان، كما يتضمن شفاء القلوب (٢)، وهو الراجح؛ لأن الأصل في دلالة الألفاظ أن تحمل على العموم، وقصرها على بعض إفرادها يحتاج إلى دليل يدل على المدعى، وإن حمل الآيات الدالة على أن القرآن شفاء على عمومها هو المتعين، فالقرآن كله شفاء، وشفاء أيضا لكل داء، سواء أدواء القلوب أو أدواء الأبدان، ويؤكد رجحان هذا القول ما جاء في السنة من قول النبي وفعله، وتقريره لأصحابه في الاستشفاء بالقرآن من الأمراض البدنية، كما سيأتي مفصلا في المطلب التالي، وهو: «ذكر نصوص السنة الدالة على الاستشفاء بالقرآن وبيانها» (٣).

[دلالة الآية على الاستشفاء بالقرآن]

دلت هذه الآية الكريمة على أن القرآن الكريم للمؤمنين هدى، يهتدون به من الضلالة، وشفاء يستشفون به من كل داء، بخلاف الكافرين فإن في آذانهم وقرا ولا يزدادون به إلا عمى وبعدا عن الحق، وهذا دليل واضح على أنه لابد من الإيمان بالله لمن أراد الانتفاع بهذا القرآن العظيم اهتداء أو استشفاء.


(١) انظر روح المعاني: (١١/ ١٤٠)، والبحر المحيط: (٦/ ٧٤)، والدر المنثور: (٤/ ٣٦٦).
(٢) وممن قال به ابن القيم في زاد المعاد: (٤/ ٣٥٢)، والشنقيطي في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: (٣/ ٦٢٤)، والسمرقندي في بحر العلوم: (٢/ ٢٨١)، والرازي في التفسير الكبير: (٢١/ ٣٥)، والآلوسي في تفسيره: (١٥/ ١٤٥)، وأبو حيان في البحر المحيط: (٦/ ٧٤) و (٧/ ١٠٤)، والماوردي في تفسيره: (٣/ ٢٦٨)، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن: (١٠/ ٣١٦)، وابن الجوزي في زاد المسير: (٧/ ٢٦٣)، والشوكاني في فتح القدير: (٣/ ٢٥٩)، والقاسمي في تفسيره: (١٠/ ٣٩٧٨) وغيرهم.
(٣) انظر ص: (٢٦).

<<  <   >  >>