للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا﴾.

﴿أولئك ينادون من مكان بعيد﴾ قال مجاهد: يعني بعيد من قلوبهم، قال ابن جرير: معناه كأن من يخاطبهم يناديهم من مكان بعيد، لا يفهمون ما يقول، قلت: وهذا كقوله تعالى: ﴿ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون﴾ [البقرة: ٢٣] وقال الضحاك: ينادون يوم القيامة بأشنع أسمائهم» (١).

ويقول السعدي: «قوله: ﴿قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء﴾ أي: يهديهم لطريق الرشد والصراط المستقيم، ويعلمهم من العلوم النافعة ما به تحصل الهداية التامة، وشفاء لهم من الأسقام البدنية والأسقام القلبية؛ لأنه يزجر عن مساوئ الأخلاق وأقبح الأعمال، ويحث على التوبة النصوح التي تغسل الذنوب وتشفي القلب، ﴿والذين لا يؤمنون﴾ بالقرآن ﴿في آذانهم وقر﴾ أي: صمم عن استماعه وإعراض، ﴿وهو عليهم عمى﴾ أي: لا يبصرون به رشدا، ولا يهتدون به، ولا يزيدهم إلا ضلالا؛ فإنهم إذا ردوا الحق ازدادوا عمى إلى عماهم وغيا إلى غيهم، ﴿أولئك ينادون من مكان بعيد﴾ أي: ينادون إلى الإيمان ويدعون إليه فلا يستجيبون، بمنزلة الذي ينادي وهو في مكان بعيد، لا يسمع داعيا ولا يجيب مناديا، والمقصود: أن الذين لا يؤمنون بالقرآن لا ينتفعون بهداه، ولا يبصرون بنوره، ولا يستفيدون منه خيرا؛ لأنهم سدوا على أنفسهم أبواب الهدى بإعراضهم وكفرهم» (٢).

[فائدة: في بيان أن شفاء القرآن ليس خاصا بالقلوب، بل عام لها وللأبدان.]

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:


(١) تفسير ابن كثير: (١٢/ ٢٤٧).
(٢) تفسير السعدي: (٤/ ٤٠٣).

<<  <   >  >>