للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للشرع، وأمراض الشبهات القادحة في العلم اليقيني؛ فإن ما فيه من المواعظ، والترغيب والترهيب، والوعد والوعيد مما يوجب للعبد الرغبة والرهبة، وإذا وجدت فيه الرغبة في الخير، والرهبة من الشر، ونمتا على تكرر ما يرد إليها من معاني القرآن أوجب ذلك تقديم مراد الله على مراد النفس، وصار ما يرضي الله أحب إلى العبد من شهوة نفسه، وكذلك ما فيه من البراهين والأدلة التي صرَّفها الله غاية التصريف، وبينها أحسن بيان، مما يزيل الشبه القادحة في الحق، ويصل به القلب إلى أعلى درجات اليقين، وإذا صح القلب من مرضه، ورفل بأثواب العافية تبعته الجوارح كلها؛ فإنها تصلح بصلاحه، وتفسد بفساده.

﴿وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ فالهدى: هو العلم بالحق والعمل به، والرحمة: هي ما يحصل من الخير، والإحسان، والثواب العاجل والآجل، لمن اهتدى به، فالهدى أجل الوسائل، والرحمة أكمل المقاصد والرغائب، ولكن لا يهتدي به ولا يكون رحمة إلا في حق المؤمنين، وإذا حصل الهدى وحلت الرحمة الناشئة عنه حصلت السعادة، والفلاح، والربح، والنجاح، والفرح، والسرور» (١).

[فائدة في وجه اختصاص المؤمنين بما في القرآن من الهدى والرحمة والشفاء]

لقد اختص الله المؤمنين بكون القرآن لهم هدى، وشفاء، ورحمة؛ لأنهم هم الذين يؤمنون به، ويعملون بما فيه، ويهتدون بهديه، ويتعظون بمواعظه، وأما الكفار فإنهم لما أعرضوا عنه، وكفروا به، حرموا هدايته وما فيه من الخير، كما بين ذلك أهل التفسير.

قال قتادة: «جعل الله هذا القرآن هدى وبشرى للمؤمنين؛ لأن المؤمن إذا سمع القرآن حفظه، ووعاه، وانتفع به، واطمأن إليه، وصدق بموعود الله الذي


(١) تفسير السعدي: (٢/ ٣٢٦).

<<  <   >  >>