للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعده فيه، وكان على يقين من ذلك» (١).

وقال الطبري: «فإن قال لنا قائل: أو ما كتاب الله نوراً إلا للمتقين، ولا رشاداً إلا للمؤمنين؟

قيل: ذلك كما وصفه ربنا ﷿، ولو كان نوراً لغير المتقين، ورشاداً لغير المؤمنين لم يخصص الله ﷿ المتقين بأنه لهم هدى، بل كان يعم به جميع المنذرين، ولكنه هدى للمتقين، وشفاء لما في صدور المؤمنين، ووقر في آذان المكذبين، وعمي لأبصار الجاحدين، وحجة لله بالغة على الكافرين، فالمؤمن به مهتد، والكافر به محجوج» (٢).

ويقول الفخر الرازي: «فإن قيل: ولم خص كونه هدى وبشرى بالمؤمنين مع أنه كذلك بالنسبة إلى الكل؟

الجواب من وجهين: الأول: أنه تعالى إنما خصهم بذلك؛ لأنهم هم الذين اهتدوا بالكتاب، فهو كقوله تعالى: ﴿هدى للمتقين﴾ [البقرة: ٢]

والثاني: أنه لا يكون بشرى إلا للمؤمنين؛ وذلك لأن البشرى عبارة عن الخبر الدال على حصول الخير العظيم، وهذا لا يحصل إلا في حق المؤمنين؛ فلهذا خصهم الله به» (٣).

وقد بين الأمين الشنقيطي الآيات الدالة على اختصاصه بالمؤمنين، فقال:

«صرح في هذه الآية (٤) بأن هذا القرآن ﴿هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾، ويفهم من مفهوم


(١) رواه عنه ابن جرير في تفسيره: (٢/ ٣٠٠)، وابن ابي حاتم في تفسيره: (١/ ١٨١) عند تفسير قوله: ﴿مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٩٧]، وأورده السيوطي في الدر المنثور: (١/ ٢٢٤).
(٢) تفسير الطبري: (١/ ٢٣٤).
(٣) التفسير الكبير للرازي: (٣/ ٢١٣).
(٤) يعني بذلك قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢].

<<  <   >  >>