للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السادس: قول النبي : ((إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ)) عند إخبار الصحابة له بأخذ الجعل على القراءة دليل بين وواضح في مشروعية الاستشفاء بالقرآن الكريم، وهذا إقرار من النبي لهم على ذلك، بل قد فهم جمهور أهل العلم (١) من هذا الحديث جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، واستدلوا به على ذلك، فكيف بالأمر الذي كان سببا لقول النبي هذا، وهو أخذ الأجرة على الرقية بكتاب الله.

السابع: قول النبي للصحابة -كما في حديث ابن عباس لما أخبروه بأخذ الجعل-: ((خذوا منهم)) (٢)، فأمره دليل على مشروعية أخذ الجعل، ومشروعية فعل ما كان سببا له، وهي الرقية بالفاتحة.

قال ابن حبان: «قوله : ((خذها)) أراد به جواز ذلك الشيء المأخوذ مع جواز استعماله في المستقبل؛ لأن الشاء أخذها الراقي قبل أن يأتي النبي ، ثم سأل بعد ذلك، فقال له النبي : ((خذها))، أراد به جواز فعل الماضي والمستقبل معا» (٣).

الثامن: ضحك النبي لما أخبروه بأخذ الجعل، وقوله عند ذلك: ((وما يدريك أنها رقية)) (٤) إقرار منه لذلك، والإقرار على أخذ الجعل دليل على مشروعية ما حصل أخذ الجعل بسببه، وهو الاستشفاء بالقرآن.

التاسع: قول الصحابة: «فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مِنَّا، مَا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً» (٥) ظاهر


(١) قاله الحافظ ابن حجر في الفتح: (٤/ ٥٣٠)، والنووي في شرحه لمسلم: (١٤/ ١٨٨).
(٢) كما عند مسلم في صحيحه: (٤/ ١٧٢٧) ح (٢٢٠١).
(٣) انظر صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان: (١٣/ ٤٧٦).
(٤) كما في رواية البخاري التي أوردها في كتاب الطب، باب الرقى بفاتحة الكتاب، انظر الفتح: (١٠/ ٢٠٨) ح (٥٧٣٦).
(٥) كما عند مسلم: (٤/ ١٧٢٨)، وعند غيره: (ما كنا نأبنه)، وهما بمعنى واحد.

<<  <   >  >>