للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قولُهُ: (وهذه الآيةُ مُعضِلةٌ على مذهبِ الأشعريَّةِ وغيرِهم … )، إلخ:

ما ذكَرَه مِنْ أنَّ هذه الآيةَ مُعضِلةٌ «أي: مُشكِلةٌ إشكالًا قويًّا» على مذهبِ الأشاعِرةِ وغيرهم مِنْ القائِلِينَ بأنَّ عصاةَ الموحِّدين لا يخلَّدون في النار، وأجاب مِنْ جهةِ الأشاعِرةِ وغيرِهم مِنْ القائلِينَ بعدمِ خلودِ أهلِ الكبائرِ في النارِ بأربعةِ أجوِبة (١):

أجوَدُها: تفسيرُ الخلودِ بالمُكْثِ الطويل، وأجوَدُ منه: تقييدُ الآيةِ بما تواتَرَتْ به السُّنَّةُ مِنْ خروجِ عُصاةِ الموحِّدينَ مِنْ النارِ بشفاعةِ الشافِعِين، ورحمةِ أرحَمِ الراحمين.

وكذلك: ما ذكَرَهُ مِنْ احتجاجِ المعتزِلةِ بهذه الآيةِ على قولهم بتخليدِ أهلِ الكبائِرِ في النارِ:

ما ذكَرَهُ مِنْ المذهبَيْنِ في تخليدِ العصاةِ صحيحٌ، ولكنَّه ذكَرَ احتجاجَ المعتزِلةِ على مذهَبِهم بأثرِ ابن عبَّاس، وزيدٍ، وبالحديث، ولم يُجِبْ عن ذلك، بل أيَّده بقوله: «وتقتضي الآيةُ وهذه الآثارُ: أنَّ للقتلِ حُكْمًا يَخُصُّهُ مِنْ بينِ سائرِ المعاصي»؛ وهذا يَجعَلُ في كلامِهِ نوعَ تناقُض؛ لأنه قد أجاب عن الآية.

وأمَّا أثَرُ ابنِ عبَّاسٍ وزيدٍ، والحديثُ، فلا تقاوِمُ دَلَالَتُها دَلَالةَ قولِه تعالى: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء﴾ في موضعَيْنِ مِنْ سورة «النساءِ» (٢)،


(١) ينظر: «شرح النووي على مسلم» (١٧/ ٨٣)، و «فتح الباري» لابن حجر (٨/ ٤٩٦).
(٢) سورة النساء: ٤٨، ١١٦.

<<  <   >  >>