للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٥٢)

قال ابنُ جُزَيٍّ في تفسيرِ قولِه تعالى: ﴿ذَلِكَ أَنْ لَّمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُون (١٣١)[الأنعام]:

(﴿بِظُلْمٍ﴾، فيه وجهان:

أحدُهما: أنَّ اللهَ لم يكنْ لِيُهْلِكَ القُرى دون بعثِ رسلٍ إليهم؛ فيكونَ إهلاكُهم ظُلْمًا؛ إذْ لم يُنذِرْهم؛ فهو كقولِه: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا (١٥)﴾ [الإسراء].

والآخَر: أنَّ اللهَ لا يُهلِكُ القُرى بظلمٍ إذا ظلَمُوا دون أن يُنذِرَهم؛ ففاعلُ الظُّلْمِ - على هذا -: أهلُ القُرى، وغَفْلَتُهم: عدَمُ إنذارِهم.

حكى الوجهَيْنِ ابنُ عطيَّةَ (١) والزمخشريُّ (٢)، والوجهُ الأوَّلُ صحيح على مذهبِ المعتزِلة، ولا يصحُّ على مذهبِ أهلِ السُّنَّة؛ لأنَّ اللهَ لو أهلَكَ عبادَهُ بغيرِ ذنبٍ، لم يكنْ ظالمًا عندَهم) (٣).

قولُه: (ولا يصحُّ على مذهبِ أهلِ السُّنَّةِ)، يريدُ: الأشاعرةَ؛ فمِن مذهَبِهم: أنَّ كلَّ ممكِنٍ جائزٌ على الربِّ فِعْلُهُ؛ فعندَهم: يجوز أن يعذِّبَ


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٤٦٣).
(٢) ينظر: «الكشاف» (٢/ ٦٧).
(٣) «التسهيل» (٢/ ٣٠٦).

<<  <   >  >>