للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٨١)

قال ابنُ جُزَيٍّ في تفسيرِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ لاَّ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ﴾ [النمل: ٦٥]:

(فإنْ قيل: كيف قال: ﴿إِلاَّ اللَّهُ﴾ بالرفعِ على البدَلِ، والبدلُ لا يصحُّ إلا إذا كان الاستثناءُ متصِلًا، ويكونُ ما بعد «إلَّا» مِنْ جنسِ ما قبلَها؛ واللهُ تعالى ليس ممَّن في السماواتِ والأرضِ باتفاقٍ:

فإنَّ القائلين بالجهةِ والمكانِ يقولون: «إنه فوقَ السماواتِ والأرضِ».

والقائلين بنفيِ الجهةِ يقولون: «إنه تعالى ليس فيهما، ولا فوقَهما، ولا داخلًا فيهما، ولا خارجًا عنهما».

فهو - على هذا - استثناءٌ منقطِعٌ؛ فكان يجبُ أن يكونَ منصوبًا؟

فالجوابُ مِنْ أربعةِ أوجُه:

الأوَّل: أنَّ البدَلَ هنا جاء على لغةِ بني تميمٍ في البدَلِ، وإنْ كان منقطِعًا؛ كقولهم: «ما في الدارِ أحدٌ إلا حِمَارٌ» بالرفعِ، والحمارُ ليس مِنْ الأَحَدِينَ.

وهذا ضعيف؛ لأنَّ القرآنَ نزَلَ بلغةِ أهلِ الحجازِ، لا بلغةِ بني تَمِيم.

والثاني: أنَّ اللهَ في السماواتِ والأرضِ بعلمِهِ؛ كما قال: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ﴾ [الحديد: ٤]؛ يعني: بعِلْمِه؛ فجاء البدَلُ على هذا المعنى.

<<  <   >  >>