(٢٤)
قال ابنُ جُزَيٍّ ﵀:
(﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُون (١١٧)﴾ [البقرة]؛ قال الأصوليُّون: إنَّ هذا عبارةٌ عن نفوذِ قُدْرةِ اللهِ تعالى، وليس بقولٍ حقيقيٍّ؛ لأنَّه:
- إنْ كان قولُ: «كُنْ» خطابًا للشيءِ في حالِ عَدَمِهِ، لم يصحَّ؛ لأنَّ المعدومَ لا يخاطَبُ.
- وإنْ كان خطابًا للشيءِ في حالِ وجودِهِ، لم يصحَّ؛ لأنه قد كان، وتحصيلُ الحاصلِ غيرُ مطلوب.
وحمَلَهُ المفسِّرون على حقيقتِهِ، وأجابوا عن ذلك بأربعةِ أوجُهٍ:
أحدُها: أنَّ الشيءَ الذي يقولُ اللهُ له: «كُنْ» هو موجودٌ في علمِ اللهِ؛ وإنما يقولُ له: «كُنْ»؛ لِيُخْرِجَهُ إلى العِيَانِ لنا.
والثاني: أنَّ قولَهُ: «كُنْ» لا يتقدَّمُ على وجودِ الشيءِ، ولا يتأخَّرُ عنه؛ قاله الطَّبَريّ (١).
والثالثُ: أنَّ ذلك خطابٌ لمن كان موجودًا على حالةٍ، فيؤمَرُ بأن يكونَ على حالةٍ أخرى؛ كإحياءِ الموتى، ومَسْخِ الكفَّار.
وهذا ضعيفٌ؛ لأنه تخصيصٌ مِنْ غيرِ مخصِّص.
(١) في «تفسيره» (٢/ ٤٦٩ - ٤٧٠ ط. دار هجر).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute