للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٥٠)

قال ابنُ جُزَيٍّ في تفسيرِ قولِهِ تعالى عن عيسى : ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ [المائدة: ١١٦]:

(أي: تَعلَمُ معلومي، ولا أَعلَمُ معلومَك، ولكنه سَلَكَ باللفظِ مسلَكَ المشاكَلةِ؛ فقال: ﴿فِي نَفْسِكَ﴾؛ مقابَلةً لقولِه: ﴿فِي نَفْسِي﴾) (١).

قولُهُ في تفسيرِ الآية: (أي: تَعلَمُ معلومي، ولا أعلَمُ معلومَك … )، إلخ:

هذا تفسيرٌ منه للموصولِ في الموضعَيْنِ: ﴿مَا فِي نَفْسِي﴾، و ﴿مَا فِي نَفْسِكَ﴾؛ فيكونُ المعنى: تَعلَمُ الذي أَعْلَمُه، ولا أَعلَمُ الذي تَعلَمُه، وهذا يَشمَلُ ما يُبدِي وما يُخفِي، وهذا أعَمُّ مما يدلُّ عليه لفظُ الآية.

واللهُ تعالى يعلمُ ما يبديهِ العبدُ وما يخفيهِ: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ﴾ [آل عمران: ٢٩].

والعبدُ يعلمُ مِنْ معلومِ اللهِ ما أعلَمَه به، ولا يعلمُ العبدُ ما يخفيهِ سبحانه؛ فلا يعلمُ ما استأثَرَ اللهُ بعلمِه، ولا كلَّ ما أَعلَمَ به بعضَ عبادِه؛ فقولُ عيسى : ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي﴾؛ أي: ما أُخْفِيهِ، ﴿وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾؛ أي: ما تُخْفِيهِ.


(١) «التسهيل» (٢/ ٢٣٦).

<<  <   >  >>