للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٩٠)

قال ابنُ جُزَيٍّ عند تفسيرِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ﴾ [فاطر: ١١]:

(فإنْ قيل: إنَّ التعميرَ والنقصَ لا يَجتمِعانِ لشخصٍ واحدٍ؛ فكيف أعاد الضميرَ في قولِه: ﴿وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ﴾ على الشخصِ المعمَّر؟

فالجوابُ مِنْ ثلاثةِ أوجُه:

الأوَّل - وهو الصحيحُ -: أنَّ المعنى: ما يُعمَّرُ مِنْ أحدٍ ولا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إلا في كتابٍ؛ فوضَعَ ﴿مِنْ مُّعَمَّرٍ﴾ في موضعِ «مِنْ أَحَدٍ»، وليس المرادُ شخصًا واحدًا، وإنما ذلك كقولِك: «لا يُعاقِبُ اللهُ عبدًا ولا يُثِيبُهُ إلا بحَقٍّ».

والثاني: أنَّ المعنى: لا يزادُ في عُمُرِ إنسانٍ ولا يُنْقَصُ مِنْ عمرِهِ إلا في كتابٍ؛ وذلك أن يُكتَبَ في اللوحِ المحفوظِ: أنَّ فلانًا إنْ تصدَّقَ، فعمرُهُ سِتُّونَ سنةً، وإنْ لم يتصدَّقْ، فعمرُهُ أربعونَ؛ وهذا ظاهرُ قولِ رسولِ الله : ((صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي العُمُرِ)) (١)، إلَّا أنَّ ذلك مذهبُ


(١) روي من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وعن ابن مسعود، وعن أبي أمامة، وعن أبي سعيد، وعن أم سلمة، وعن عبد الله بن جعفر … وفي أسانيدها مقال وبعضها منكر، وقد صححه بعض العلماء بمجموع طرقه. ينظر: «البدر المنير» (٧/ ٤٠٧)، و «مجمع الزوائد» (٣/ ١١٥)، و «التلخيص الحبير» (٣/ ٢٤٧، رقم ١٤٢٨)، و «المقاصد الحسنة» رقم (٦١٨)، و «السلسلة الصحيحة» (٤/ ٥٣٥، رقم ١٩٠٨).

<<  <   >  >>