للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٤٩)

قال ابنُ جُزَيٍّ في تفسيرِ قولِهِ تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤]:

(عبارةٌ عن إنعامِهِ وجُودِه؛ وإنما ثُنِّيَتِ اليدانِ هنا، وأُفرِدَتْ في قول اليهود: ﴿يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ [المائدة: ٦٤]؛ ليكونَ ردًّا عليهم، ومبالَغةً في وصفِهِ تعالى بالجُود؛ كقول العرَب: فلانٌ يُعطِي بكلتا يدَيْهِ: إذا كان عظيمَ السَّخَاءِ) (١).

قولُهُ في تفسير بسط اليدين: (عبارةٌ عن إنعامِهِ وجُودِهِ … ) إلخ:

إنْ أراد بذلك تفسيرَ اليدَيْنِ، فهذا تأويلٌ يجري على طريقةِ أهلِ التأويلِ مِنْ نفاةِ الصفات (٢)؛ فإنَّهم يَجمَعون بين التعطيلِ والتحريفِ.

وإنْ أراد ما يدلُّ عليه بسطُ اليدَيْنِ من الجودِ كثرةِ الإنفاقِ، فهو معنًى صحيحٌ؛ يؤيِّدُهُ قولُهُ تعالى: ﴿يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاء﴾ [المائدة: ٦٤]، ولا يقتضي ذلك نفيَ حقيقةِ اليدَيْنِ؛ وسياقُ كلامِ المؤلِّفِ يُشعِرُ بالنفيِ،


(١) «التسهيل» (٢/ ١٩٥).
(٢) ينظر: «أساس التقديس» للرازي (ص ١٦١). وينظر الرد على تحريفهم لدلالة الآيات في: «نقض الدارمي» (١/ ٢٣٠)، و «الإبانة» للأشعري (ص ١٢٦)، و «بيان تلبيس الجهمية» (١/ ٢٦٠)، و «مجموع الفتاوى» (٦/ ٣٦٢)، و «مختصر الصواعق» (٣/ ٩٤٦).

<<  <   >  >>