للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٢٨)

قال ابنُ جُزَيٍّ في كلامِهِ عن مقام المحبَّة:

(اعلَمْ: أنَّ محبَّةَ العبدِ لربِّهِ على درجتَيْن:

إحداهما: المحبَّةُ العامَّةُ التي لا يخلو عنها كلُّ مؤمِن؛ وهي واجبة.

والأخرى: المحبَّةُ الخاصَّةُ التي يَنفرِدُ بها العلماءُ الربانيُّون، والأولياء والأصفياء.

وهي أعلى المَقامَات، وغايةُ المطلوبات؛ فإنَّ سائر مقامات الصالحين - كالخوفِ، والرجاءِ، والتوكُّل، وغيرِ ذلك - هي مبنيَّةٌ على حظوظِ النَّفْس؛ أَلَا ترى أنَّ الخائِفَ إنما يخاف على نَفْسِه، وأنَّ الراجي إنما يرجو منفعةَ نَفْسِه؟! بخلافِ المحبَّةِ؛ فإنها مِنْ أجلِ المحبوب؛ فليست مِنْ المعاوَضات) (١).

قولُه: (اعلَمْ: أنَّ محبَّةَ العبدِ لربِّهِ على درجتَيْن … )، إلخ:

تضمَّن كلامُهُ تعظيمَ مقامِ المحبَّة، وأنَّ العبادَ فيها متفاضِلون، وهذا صحيح (٢)، ولكنه - عفا الله عنه - هوَّن مِنْ مقاماتِ الخوفِ والرجاءِ والتوكُّل، وقال: إنَّ غايتَها حظُّ النفس، بينما غايةُ المحبَّةِ المحبوبُ.


(١) «التسهيل» (١/ ٣٨٧ - ٣٨٨).
(٢) ينظر: «مجموع الفتاوى» (١١/ ٥٢٠)، و «مدارج السالكين» (٣/ ٢٩).

<<  <   >  >>